استمع إلى الملخص
- حددت الهيئات أهدافًا لتعزيز الوحدة الوطنية، حماية لبنان من التدخلات الخارجية، احترام الدستور، تشكيل حكومة كفؤة، تعزيز استقلالية القضاء، ومعالجة الأزمة المالية.
- أشار البيان إلى أهمية التضامن بين المثقفين، وأعلن عن تأليف لجنة متابعة واعتصام رمزي، داعيًا اللبنانيين للدفاع عن الدولة، مع تساؤلات حول قدرة الهيئات على إيجاد حلول فعلية.
دعا عددٌ من الهيئات الثقافية اللبنانية مثقّفي لبنان إلى الإسهام في "إخراجه من أزماته، وفي استعادة موقعه الثقافي والحضاري المرموق في محيطه العربي، وبين دول العالم الراقية، وفي إنقاذه من جحيم الحرب الأهلية والانقسامات الداخلية، ومن نهج استدراج التدخّلات الخارجية، ومن تعميم لغة ذميمة، بمفرداتها الطائفية والتعصّب الفئوي، ولا تخدم إلّا مشاريع التقسيم والتفتيت".
وقالت الهيئات، في بيانٍ أصدرته بعد اجتماعها في "المركز الثقافي للبنان الجنوبي" في بيروت أوّل من أمس، إنّ لبنان يتعرّض اليوم "لغزو قيم غريبة على تاريخه الثقافي والسياسي، بعد أن علّق النافذون فيه الدستور، وانتهكوا القوانين، وعمّموا قيم الزبائنية بدل الكفاءة، والفساد بدل النزاهة، واللصوصية بدل الأمانة، والفوضى بدل الأمن والأمان، واقترفوا أكبر عملية نهب للثروة الوطنية ولأموال المودعين في المصارف، وعمّموا أبشع ظاهرة فساد سياسي وإداري وأخلاقي، وقضوا على استقلالية القضاء، ودمّروا مرتكزات الدولة ومؤسّساتها وتخلّوا عن سيادتها".
وحمل البيان توقيعات ثلاث عشرة هيئة ثقافية لبنانية؛ هي: "الحركة الثقافية - أنطلياس" و"النادي الثقافي العربي" و"المجلس الثقافي للبنان الجنوبي" و"مجلس بعلبك الثقافي"، و"منتدى صور الثقافي" و"تيار المجتمع المدني" و"المجلس الثقافي والاجتماعي في البقاع الغربي وراشيا" و"مركز تمّوز- جبيل" و"مجمع ديوان أهل القلم" و"المجلس الثقافي للبنان الشمالي" و"النادي الثقافي في بلاد البترون" و"مؤسّسة سمير قصير" و"المنتدى الثقافي الاجتماعي في البقاع".
انتقدت "تعميم لغة ذميمة بمفردات طائفية وتعصّب فئوي، ولا تخدم إلّا مشاريع التفتيت"
وأضافت الهيئات الموقّعة على البيان أنّها "قرّرت، من موقع التزامها بالقضايا الوطنية، دعوة مثقّفي لبنان إلى رصّ الصفوف مع كلّ الحريصين على إعادة بناء الوطن والدولة، في مواجهة المخاطر التي تُهدد الوطن بوحدته وسيادته واستقلاله".
وحدّد البيان مجموعةً من الأهداف تتمثّل في تعزيز الوحدة الوطنية وحماية الوطن من أيّ تدخُّل خارجي وصونه من خطر العدوان الإسرائيلي الهمجي، وإعادة الاعتبار للدستور والقوانين، واحترام الاستحقاقات الوطنية لا سيما انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة تعتمد معيار الكفاءة بدل المحاصصة والمحسوبيات والزبائنية، وتعزيز القضاء وحماية استقلاليته بوصفه سلطة من ثلاث سلطات في النظام البرلماني الديمقراطي، ومعالجة الأزمة المالية الاقتصادية النقدية، واستعادة الأموال المنهوبة، وإعادة الودائع لأصحابها واستعادة الثقة بالقطاع المصرفي، والقيام بعملية إصلاح سياسي قوامها التزام تطبيق اتّفاق الطائف أوّلاً، ثم البحث في التعديلات الضرورية لانتظام عمل المؤسّسات.
كما دعا البيان إلى متابعة ما أنجزه "تجمُّع الهيئات الثقافية في لبنان" خلال مرحلة سابقة من عمر الأزمة اللبنانية، بوصفه إطاراً "للتضامن بين المثقّفين والمبدعين في مجالات العلوم والفنون والفكر والفلسفة واللغة والأدب، ما يجعل منهم ومن هيئاتهم قوّة فاعلة ومؤثّرة في إعادة بناء الوطن، وطن الحرية والسيادة والاستقلال، وفي إعادة بناء الدولة، دولة القانون والمؤسّسات والكفاءة وتكافؤ الفرص والعدالة والديمقراطية".
غاب عددٌ من الهيئات الثقافية عن الاجتماع الثاني، بينما التحقت به هيئاتٌ أُخرى
وكان "تجمُّع الهيئات الثقافية في لبنان" قد ضمّ إحدى عشرة هيئة ثقافية لبنانية اجتمعت في مقرّ "الحركة الثقافية - أنطلياس" نهاية حزيران/ يونيو 2021، لبحث ما سمّته "الكوارث التي يُعاني منها شعبنا اللبناني، والتي وصفها البنك الدولي بأنّها من أكبر ثلاث أزمات في العالم في المرحلة المعاصرة"؛ حيث أصدرت بياناً تناولت فيه الأزمة اللبنانية في مستوياتها المختلفة، مُقترحةً حلولاً لها.
وأعلن "التجمُّع" عن تأليف لجنة متابَعة تتألّف من مندُوبي "دار الندوة" و"المجلس الثقافي للبنان الجنوبي" و"المجلس الثقافي لبلاد جبيل" والحركة الثقافية - أنطلياس"، إضافةً إلى القيام بـ"اعتصام رمزي" للهيئات الثقافية والمثقّفين أمام "المتحف الوطني" في بيروت "تعبيراً عن استنكار الآلام المتراكمة التي يعاني منها شعبنا، والمطالبة بحكومة تكون مدخلاً متمكّناً من الدفاع عن مستقبل الوطن ومصالحه العليا".
كما دعا اللبنانيّين "داخل الوطن وفي بلدان الاغتراب للاستنفار الشامل دفاعاً عن الدولة اللبنانية ووحدتها واستقلالها وسيادتها ضمن كامل حدودها البرّية والبحرية في مرحلة تُصاغ فيها خرائط جديدة وتوزيع مناطق النفوذ في المشرق العربي".
يُثير البيانان/ الاجتماعان سؤالاً حول القدرة الحقيقية للهيئات الثقافية والمثقّفين على الإسهام في إيجاد حلول للأزمة اللبنانية متعدّدة الطبقات، في منطقة لا يُشرَك المثقّف فيها غالباً في اتّخاذ القرار أو اقتراح حلول للأزمات المتراكمة، وهو ما يجعل من البيانَين أقرب إلى "تسجيل موقف"؛ خصوصاً أنّ ثلاث سنوات مرّت منذ إصدار البيان ولم يتغيّر خلالها شيءٌ إلى الأحسن.
لعلّ الملاحَظة الوحيدة التي يمكن تسجيلها تتعلّق بـ"تجمُّع الهيئات الثقافية" نفسه، الذي التحقت به هيئات جديدة وغابت أُخرى؛ مثل: "دار الندوة" و"مجلس قضاء زحلة الثقافي" و"لقاء الاثنين- كسروان" و"الحركة الثقافية في بسكنتا والجوار" والتجمّع الأكاديمي للأساتذة الجامعيّين" و"المجلس الثقافي لبلاد جبيل" و"منتدى الفكر التقدّمي" و"لجنة حقوق المرأة اللبنانية".