نقاشٌ متكرّر تعرفه الأوساط المهتمة بالعربية بين فترة وأُخرى، مع كلّ كلمة جديدة يجيزها "مجمع اللغة العربية" في القاهرة؛ وهي إجازة تأتي استجابةً لمشاغل معجمية وحياتيّة، كون المجمع أُقيم لصون وحماية اللغة العربية، إلّا أنَّ الجانب الذي يتسبّب بالنقاش ويجعل من إضافة كلمة جديدة إلى العربية أشبه بـ"الترند"، فهو ضرورة تطوير هذه اللغة مع تغيُّر مفردات الحياة اليوميّة، وذلك بتعريب الكلمات الأجنبية والاصطلاحات العلمية الجديدة. ومن الإفاضة القول إنَّ العربية لغة مرنة وحيّة ومتجدّدة. وربما إجازة المجمع لكلمات بعينها خطوةٌ متأخّرة عن مستخدمي العربية، وتأتي بهدف توضيح دلالات هذه الألفاظ والحاجة لاستعمالاتها في اللغة المعاصرة.
ما يحدث بوجه الدقة أنَّ المجمع يتدخّل كي يشرف على إضافةٍ حدثت بالفعل في لغة الحياة العادية، والمجمع بذاته لا يُحدث هذا التغيير، بقدر ما يسعى للبقاء على اطّلاع بما يحدث. لذلك نجده يجتهد بمفردة هنا أو اشتقاقٍ هناك.. اجتهاداتٌ إن كان مستخدم العربية بوجه عام لا يأبه بأبعادها، إلّا أنَّها لازمة لمن تمثّل اللغة مجال عملهم، من أكاديميّين أو صحافيّين وكتّاب.
آخر ما أجازته لجنة الألفاظ والأساليب بمجمع اللغة العربية بالقاهرة استخدام كلمات جديدة أبرزها كلمة "تِرِنْد" التي جاءت من وسائل التواصل الاجتماعي، وصارت اصطلاحاً شائعاً بين مستخدميه. وجاء تفسيرها في بيان "مجمع اللغة" بأنَّها الموضوع الساخن الجديد الذي يثار على مواقع التواصل الاجتماعي، ويهتم به الجمهور، ما يجعله ينتشر بسرعة خلال فترة زمنية قصيرة. وفي العربية تعني؛ اتّجاهاً أو نزعة أو ميلاً أو موضة.
ما يحدث أنَّ المجمع يتدخّل كي يشرف على إضافةٍ حدثت بالفعل في لغة الحياة العادية
بعد تفاوت الآراء الذي تسبّب به تعريب الكلمة، جاء في مسوّغات إقرار الـ"ترند"؛ عدم وجود كلمة واحدة تُعبّر عن مضمون هذه الظاهرة المركَّبة، إلى جانب أنَّ اشتهار الكلمة منحها القوّة لتأخذ مكانها في العربية، بحسب الأمين العالم لـ"مجمع اللغة العربية" عبد الحميد مدكور.
أجاز المجمع، أيضاً، استخدام "الترويسة"؛ وهو اصطلاح مألوف في عالم الكتب والجرائد والمراسلات الرسمية، وتتضمّن اسم المؤسَّسة ومكانها وما يتّصل بها من معلومات، مثل رقم الهاتف والفاكس، واكتسبت جدارتها من ممارسات الناس في حياتهم الاجتماعية، وتفاعلاتهم اللغوية اليومية.
وأيضاً من تفاعلات الحياة اليومية في بلاد الشام، جاءت إلى العربية كلمة "الترويقة"، أي ما يؤكل ويشرب في الصباح على الريق. والترويقة بلغة أهل الشام، هي الفطور في البلدان ككلّ. وأجاز المجمع في اختصاص البرمجيات، استخدام اصطلاح " التَّرْمِيز"، وهي كلمة مأخوذة من الرَّمز، أي الإشارة والكلام الخفي. ما يقودُ إلى المعنى العملي والمباشر؛ أي تحويل النصوص والبيانات إلى رموز.
يُذكر أنَّ "مجمع اللغة العربية" كان قد أجاز في وقتِ سابق استخدام كلمة "استعبط" الشائعة بالعامية المصرية، وهو أمر يحدث في وقتٍ تظهر فيه ترجمات إلى العامية المصرية لأعمال عالمية مثل رواية "الغريب" لـ ألبير كامو، و"مزرعة الحيوانات" لـ جورج أورويل... ظاهرة تقتضي حضوراً وفاعليّة أكبر لمجمع اللغة العربية، وألّا يقتصر دوره فقط على تعريب ما هو أجنبيّ، أو الإسناد المعجمي لما هو مستخدَم.