منذ بداية موسمه الثاني في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، خصّص برنامج "ثلاثاء الفلسفة"، الذي ينظّمه الأكاديمي الفرنسي المختصّ بالفلسفة العربية جان باتيست برُنيه، جلساته الشهرية التي تُقام شهرياً في "معهد العالَم العربي" للعديد من الأسئلة المتّصلة بالفكر العربي والإسلامي، القديم والحديث.
وشملت مواضيع الجلسات نقاشاتٍ لعلاقة الفلسفة بالمجتمع ودورها فيه، والمشروع الديمقراطي في العالَم العربي، إلى جانب حلقاتٍ حول فلسفات ابن سينا والملا صدرا والتصوّف أو نظرية الخلق لدى الفلاسفة العرب والمسلمين.
أمّا حلقةُ هذا الشهر، التي يديرها برُنيه ويستضيفها المعهد الباريسي يوم الثلاثاء، الحادي والعشرين من آذار/ مارس الجاري، فتدور حول "سُلطة اللغة"، وهو عنوان المداخلة التي تقدّمها الباحثة الألمانية المختصّة بعلوم اللغة في الفكر الإسلامي القديم، ناديا جيرمان.
وتطرح جيرمان، في مداخلتها، أسئلةً عن مقاربة الفلاسفة العرب للّغة والنحو الذي سعوا من خلاله إلى تفسير السُلطة التي تتمتّع بها الكلمات، والتي تتمظهر في قُدرتها على التأثير حتى أكثر من بعض الأغراض والأشياء الواقعية: فالكلمات تُفرح وتُحزن، تدفعنا إلى التفكير، بل وحتى تجرحنا وتتحكّم، في أحد المعاني، بتصرّفاتنا.
ويُشير بيان الجلسة إلى أن "الثقافة العربية الإسلامية انتبهت، مبكّراً، إلى هذه السُّلطة الخاصّة بالكلمات"، مُحيلاً إلى أن تحليلات الفلاسفة انبنت أيضاً على خلفية دينية تتمثّل بفعل الخلق الإلهي الذي تمّ عبر أمر الأشياء بأن تكون، فكانت، بحسب البيان.
يُذكَر أن ناديا جيرمان تُدرّس الفلسفة العربية في "جامعة فرايبورغ"، ولها العديد من المقالات العلمية حول فلسفة اللغة والمنطقة في الفكر العربي، ولا سيّما عند الفارابي الذي وضعت حول فكره اللساني مقالاتٍ مرجعية، مثل "كيف تُعلِّم الأشياءَ باستخدام الكلمات" (2021). كما أشرفت، مع مصطفى نجفي، على تحرير الكتاب الجماعي "الفلسفة واللغة في العالم الإسلامي"، الذي صدر بالإنكليزية عام 2020 لدى "منشورات دي غرويتر".