في الخامس عشر من نيسان/ أبريل 2022، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" ترشيحها الشهري لأفضل كتب الشعر الصادرة حديثاً حينها. ضمّت تلك القائمة ثمانية أعمال، وجاءت في مقدّمتها مجموعةُ "أشياء قد تجدها مخبّأةً في أُذني" للشاعر الفلسطيني مصعب أبو توهة؛ مجموعة أشادت الصحيفة بقدرتها على الجمع بين الجمال الطبيعي، الشعريّ، والقدرة على التعبير عن العنف السياسي الذي يعاني منه أهالي غزّة المحاصرة والشعب الفلسطيني بشكل عام.
منذ صدورها في ذلك الوقت، أي في ربيع 2022، عن منشورات "سيتي لايتس" في سان فرنسيسكو، ومجموعة أبو توهة (1992) الأولى باللغة الإنكليزية تحظى بترحيبٍ نقديّ ملحوظ. ولم يكن غريباً، في هذا السياق، منْحُ الشاعر وديوانه هذا، نهاية 2022، جائزة الإبداع ضمن "جوائز كِتاب فلسطين"، التي تكرِّم سنوياً أفضل الكتب الصادرة بالإنكليزية حول فلسطين والشعب الفلسطيني.
تكريمٌ نعرف اليومَ أنه لم يكن الأخير، حيث نال عملُ أبو توهة اعترافاً جديداً، مؤخّراً، مع الإعلان عن قوائم المرشّحين النهائيين لـ"جوائز حلقة نقّاد الكتب" الأميركيين، إذ حلّ "أشياء قد تجدها مخبّأةً في أُذني" بين الكتب الخمسة المرشّحة في القائمة النهائية لنيل الجائزة في حقل الشعر.
وتُعَدّ "جوائز حلقة نقّاد الكتب" من أهمّ التكريمات الأدبية في الولايات المتّحدة، وفي العالم الأنغلوفوني بشكل عام، حيث سبق أن رُشّح لها، وأن نالها، عددٌ من أبرز المؤلّفين باللغة الإنكليزية. ويكفي هنا أن نذكر أنها ذهبت سابقاً، في حقل الشعر، إلى أسماء مثل لويز غلوك، حائزة "نوبل للأدب" (2020)، وجون آشبري، وإليزابيث بيشوب.
وعلّق أبو توهة على الإعلان، عبر صفحته في "فيسبوك"، بالقول: "إنه لَشَرفٌ كبيرٌ بالنسبة إليّ أن أكون مرشّحاً في نفس القائمة النهائية التي كان إدوارد سعيد مرشّحاً فيها (في فرع النقد)، عام 1978، عن كتابه ’الاستشراق‘". وأضاف: "كما أنني سعيدٌ لوجودي في قائمةٍ ضمّت شعراء كباراً منذ تأسيس الجائزة عام 1975".
وتُمنَح "جوائز حلقة نقّاد الكتب"، بشكل سنوي، إلى "أفضل الكتب الصادرة باللغة الإنكليزية في ستّة فروع: السرد التخييلي، والمقالة، والسيرة، والسيرة الذاتية، والشعر، والنقد"، كما يمكن لنا أن نقرأ على موقع الجائزة الإلكتروني. وكانت لجنة الجائزة لهذا العام قد أعلنت عن ترشيح 30 مؤلّفاً لنيل جوائزها في هذه الفروع الستّة.
وإلى جانب أبو توهة، ضمّت الترشيحات في حقل الشعر أربعة شعراء أميركيين، هُم سينثيا كروز عن كتابها "فندق أوبليفيون"، وديفد هيرناندز عن مجموعته "مرحباً، عليّ أن أغادر"، وبول هلافا كابايوس عن كتابه "بانانا"، وبرناديت ماير عن كتابها "نُتَف نبتةِ الصقلاب".
ويكتب أبو توهة، في قصائد ديوانه، عن تجربته وتجربة أقرانه في غزّة المحاصرة، انطلاقاً من طفولته ووصولاً إلى نجاته، كأبٍ شاب وعائلته، من عديد الهجمات الوحشية للاحتلال الإسرائيلي. كما يكتب عن علاقته بجدّه ومدينة يافا التي هُجّرت منها عائلته.
يُذكَر أن مصعب أبو توهة من مواليد غزّة، وهو يكتب باللّغتين العربية والإنكليزية. أسّس عام 2017 "مكتبة إدوارد سعيد العامّة" في غزّة. نشر قصائده في مجلّات شعرية متخصّصة، وكان شاعراً زائراً في قسم الأدب المقارن بـ"جامعة هارفارد" الأميركية بين عامَيْ 2019 و2020.