في عام 1967، صاغ الناقد والمؤرخ الفني جيرمانو تشيلانت (1940-2020)، مصطلح "الفن الفقير"، باعتباره حركة فنية نشأت في إيطاليا في النصف الثاني من حقبة السيتينات. ويقوم هذا الفن، في الأساس، على استخدام مواد تُعتبر رديئة، يسهل الحصول عليها، مثل الخشب، أو الأوراق، أو الصخور، أو أدوات المائدة، أو ألواح الرصاص، أو الزجاج، أو الأقمشة أو الفحم أو الطين، وفي كثير من الأحيان يستخدم ممارسو هذا الفن النفايات أيضاً.
ويهدف هذا النوع من الفنون، عموماً، إلى إعطاء قيمة فنية وشعرية للأشياء المُهملة التي يُعثر عليها وتُستخدم في العمل الفني، وبالتالي إثارة انعكاس بين الموضوع وشكله، من خلال التلاعب بالمادة ومراقبة صفاتها المحددة في العمل الفني، والإضافة التي تُقدّمها.
لعب الفنان اليوناني جانيس كونيليس (1936 - 2017)، دوراً رئيسياً في حركة "الفن الفقير" الإيطالية، في منتصف ستينيات وأوائل سبعينيات القرن المنصرم. واحتفاءً بتجربته الإبداعية، يقيم "متحف جوميكس للفن المعاصر"، في مدينة المكسيك العاصمة، معرضاً للفنان بعنوان "جانيس كونيليس في ستة أقسام فنية فقيرة"، يستمر لغاية السابع عشر من أيلول/ سبتمبر المقبل.
يقدّم المعرض أكثر من أربعين عملاً من أعمال الفنان اليوناني الذي أثّر على الأجيال اللاحقة حول العالم. وتتناول الأعمال المعروضة الممارسات الفنية المُبتكرة لكونيليس، خلال المراحل الرئيسية من حياته المهنية، حيث يظهر فيها جليّاً كيف يستخدم الفنان الأشياء والقطع و"النفايات" التي عادة ما نهملها، ويعطيها معنى جديداً داخل العمل الفني، "لتكون قادرة على الكلام".
ينقسم المعرض إلى ستة أقسام، هي: "لغة"، "وسفر" و"شظايا" و"عناصر طبيعية"، و"موسيقى" وتكرار"، تعبّر جميعها عن مقاربات كونيليس التخيلية والتركيبية، حيث تكتسب كل قطعة معناها من حيث وجودها في مكانها. وتتنوع المواد المستخدمة في الأعمال الفنية بدءاً من اللافتات الحضرية لحقبة الستينيات، مروراً بالقماش، والنفايات الصناعية، وصولاً إلى شظايا السفن والأشرعة.
يذكر أن جانيس كونيليس ولد في مدينة بيرايوس الساحلية باليونان عام 1936. بدأ دراسته الفنية في أثينا عام 1956، ثم انتقل إلى روما للدراسة في "أكاديمية الفنون الجميلة". تأثّر بالمدرسة التعبيرية التجريدية، والفن اللاشكلي، ثم رسم خطه الخاص في الفن الذي يتكئ على إثارة الحساسية والتفكير عند المتلقي ليصير واحداً من رواد الفن الفقير في العالم كله. توفي في إيطاليا عام 2017.