جوان روشيل.. أسئلة أخلاقية حول الإنسان الآليّ

18 يوليو 2022
جوان روشيل (تصوير: دومينيك بوتنر)
+ الخط -

رغم مرور عقود على ظهور الإنسان الآلي، وحضوره الكبير في الثقافة الشعبية، من السينما إلى الاكتشافات العلمية مروراً بروايات الخيال العلمي، إلّا أنه ما يزال يشكّل ظاهرة غريبة، تسحر الناس بقدر ما تتسبّب في خلق المخاوف والحذر في أنفسهم.

وليس مفاجئاً أن تتكثّف النقاشات، في السنوات الأخيرة، حول دور هذه الآلات في حياة البشر ومستقبلهم، خصوصاً وأننا بتنا نشهد ابتكارات عِلمية لا يكتفي الإنسان الآلي فيها بتنفيذ مهمّة تكرارية، كما كان الحال عليه مع الجيل الأوّل من هذه الآلات، بل تُعطى له مهامّ حسّاسة أحياناً، مثل العناية الطبّية.

عن منشورات "مدرسة الفنون التطبيقية" في لوزان بسويسرا، صدر حديثاً كتاب "الروبوتات بيننا: نحو أخلاقٍ للآلات" للباحث جوان روشيل، المختصّ بفلسفة الأخلاق المتعلّقة بالابتكارات العِلمية.

يميّز المؤلّف بين ثلاثة أنواع من الروبوتات يستدعي كلّ واحدٍ منها ردّ فعل مختلفاً: روبوت الخيال العِلمي، فائق الذكاء، الذي سحر مشاهدي أفلام الفانتازيا لعقود؛ والروبوت المِهَني، الذي دخل معامل تصنيع السيارات منذ الستينيات والذي يحظى بصيتٍ أقلّ من غيره، لبقائه بين جدران المصانع، والذي بدأ في السنوات الأخيرة بإثارة المخاوف ــ وكذلك الآمال ــ في حال استطاع أن يحلّ مكان الناس لأداء أعمالهم؛ إضافة إلى الإنسان الآلي الذي توكَل إليه مهام العناية والتنظيف، وهو الذي قد يكون أكثر نوعٍ من هذه الآلات إثارة للأسئلة، بسبب الدور الكبير الذي يلعبه في حياة مَن يتعاملون معه.

غلاف

يعرّف روشيل الروبوت بأنه آلة موجودةٌ بيننا في العالم، تُحسّ وتفكّر وتتصرّف، وهو يُدخل في هذا التعريف ابتكارات تراوح بين المكنسة الكهربائية وأبطال أفلام الخيال العِلمي والروبوتات المتقدّمة التي تستطيع أن تقوم بتنفيذ لوحاتٍ فنّية، أو تنظيف الشوارع، أو حتى الاعتناء بالمسنّين في دور الرعاية.

على أن السؤال الأساسي الذي يطرحه الكتاب يدور حول الحدود التي لا بدّ من وضعها، أخلاقياً وقانونياً، لهذه الآلات، وهو ما يقود إلى سؤال المسؤولية. وهنا يرى يرى المؤلّف أن الروبوت ليس كائناً مستقلّاً أخلاقياً، وأن المسؤولية حول تصرّفاته تقع على مصنّعيه ومبرمجيه. كما يُشير روشيل إلى ضرورة وضع حدود لتدخّل الإنسان الآلي في المستقبل، إذ لا بدّ من تحجيم دوره في مجالات تتطلّب علاقة بين إنسان وآخَر، مثل التعليم والرعاية الصحّية والعدالة.

المساهمون