حافظ ستهم.. هيمنة المدينة على الريف التونسي

22 أكتوبر 2024
يستند الكتاب إلى دراسة ميدانية وبحوث جغرافيين تونسيين وفرنسيين
+ الخط -

عن "معهد تونس للترجمة"، صدرت النسخة العربية من كتاب "النفوذ الحضري والفلاحون بالبلاد التونسية" للجغرافي التونسي الراحل حافظ ستهم، بترجمة حسن الطياشي ومراجعة خالد نويصر.

يقدّم الكتاب خلاصة دراسة وجهود معرفية لأحد أوائل الأكاديميين الجغرافيين في الجامعة التونسية، حيث بدأ التدريس والبحث مطلع ستينيات القرن الماضي، وتركّزت اهتماماته على المجتمع الريفي في تونس والعالم العربي وكذلك البلدان الاشتراكية بحكم توجهاته اليسارية.

وينطلق ستهم في عدد من مؤلفاته من تحليل الانعكاسات السلبية لهيمنة المدينة على الأرياف بسبب سياسات التنمية الخاطئة لدى السلطات التونسية التي كانت بيد الحضر، بالإضافة إلى غياب الديمقراطية ما يعني احتكار القرار وعدم تداول الحكم، ومنها توسّعت دائرة دراساته لتشمل دولاً عربية ونامية.

يقدّم الكتاب خلاصة دراسة وجهود معرفية لأحد أوائل الأكاديميين الجغرافيين في الجامعة التونسية

ويستند في هذا الكتاب إلى دراسة ميدانية كأداة بحثٍ وعلى كمّ هائل من التقارير الرسمية، ومن البحوث التي أنجزها العديد من الجغرافيين التونسيين والفرنسيين، وكذلك الهياكل والمؤسسات العامة المهتمة بمسائل التنمية الزراعية والاقتصاد الحضري في تونس، ليخلص إلى مجموعة من الحلول العاجلة والمستقبلية الناتجة عن مرجعية فكرية ماركسية.

ويلفت ستهم في دراساته إلى أن السلطة السياسية في تونس تعتبر أن الزراعة قطاع متأخر وعاجز عن المساهمة في تنمية البلاد، لذلك أهملتها على حساب الصناعات التحويلية والسياحة ما خلق اختلالات تنموية كبرى بين الريف وبين المدينة، إلى جانب التمدد العمراني الجائر على الأراضي الزراعية.

يتضمّن الكتاب بابين رئيسيين حيث خُصص الأول لدراسة عملية انتقال الأرياف التونسية من وضعية الإدماج إلى واقع السيطرة الحضرية عن طريق الاستحواذ العقاري للحضر على الأرياف، وامتلاكهم للمعدات الفلاحية وتوظيفها لصالحهم، مروراً بالوصاية التجارية التي فرضتها المدن على الأرياف باقتطاع فائض القيمة الزراعية عن طريق تسعير المواد الغذائية ذات الاستهلاك الجماهيري، وتهميش الزراعة وتوسع المدن على حساب الأرياف ومنازعتها على الأرض وعلى اليد العاملة والموارد المائية.

أما الباب الثاني، فيدرس تبعات الخيارات التنموية التي أعطت الأولوية للقطاعين الصناعي والخدمي على حساب الزراعة، وكرّست النفوذ الحضري على الأرياف، من خلال التأكيد على مسؤولية هذا النفوذ في تعمّق التباينات المناطقية بين ساحل تونس الشرقي والمناطق الداخلية، ودوره في ما تعانيه الأرياف التونسية من فقر وبطالة أسهما في تفاقم النزوح الريفي وما لازمه من ترّيف المدن، بالإضافة إلى العجز الغذائي وما نجم عنه من تبعية للخارج.

يُذكر أن حافظ ستهم ترك العديد من المؤلفات باللغتين العربية والفرنسية، منها: "الريف والتنمية: دراسة في تهيئة المجال الريفي" (1987)، و"السلطة الحضرية والفلاحون في تونس" (1992)، و"شخصية الأقاليم التونسية" (1999)، و"الأرض والفلاح والسوق والمجتمع في المغرب العربي" (2004)، ومؤلفات مشتركة مثل: "العمران والتنمية في تونس" (1986)، و"العجز الغذائي في تونس الخضراء من المسؤول؟" (1990)، و"القطاع السياحي في تونس: الحصيلة والآفاق المستقبلية" (1993)، و"مستويات العيش في تونس" (1997).
 

المساهمون