على مدار السنوات الماضية، اهتمّ الباحث والشاعر العراقي خزعل الماجدي (1951) بتاريخ الحضارات في سلسلة مؤلّفات ناقش فيها العناصر المادية والثقافية لكلّ حضارة منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى عصرنا هذا، مع معايرة وتقييم لكلّ حضارة.
في هذا السياق، تحدّث أول أمس السبت في محاضرة أقامها "مركز حسن بن محمد للدراسات التاريخية" في الدوحة تناولت التصنيف التاريخي للحضارات وميزان عناصرها. وتطرق الماجدي في المحاضرة التي أدارها محمد همام فكري المشرف العام على المركز، إلى تعريفات التاريخ، والتأريخ، والكرونولوجيا، والثقافة، والحضارة، والمدنية، وتصنيف الحضارات ومناهج معالجتها، ومستقبل الحضارات والثقافات في العالم.
وذهب إلى تصنيف الحضارات عند علماء الدراسات الحضارية، ذاكراً أن هناك عشرة أنواع منها على مرّ التاريخ، منها تصنيفات غوستاف لوبون وول ديورانت، وأرنولد توينبي، وأوسفالد شبينغلر وصموئيل هنتنغتون، تحدث عن كل منها ووضع ما رآه من منافعها وعيوبها.
ناقش خمسة عشر عنصراً مادياً وثقافياً في كلّ حضارة يضبطها عنصر الأخلاق
كما تناول التصنيف التاريخي وميزان الحضارة الذي وضعه لغرض كتابة تأريخٍ واسع وشامل لحضارات العالم منذ بدايتها حتى يومنا هذا والتي يبلغ عددها ثماني وعشرين حضارة، القديمة منها (24 حضارة)، والوسيطة (3 حضارات)، والحديثة (حضارة واحدة) بمراحلها الأربع (الأوروبية، الغربية، الحديثة، المعاصرة).
ومرّ الباحث بشكل سريع عليها جميعاً مقسّماً الحضارات القديمة إلى ثلاثة أنواع تاريخية. ولكي يكمل مهمته وضع 15 عنصراً لكل حضارة من الحضارات، في ميزان الحضارة التي يضبطها عنصر الأخلاق.
وبشأن حاضر ومستقبل الحضارات، ناقش الماجدي تاريخ الحضارة المعاصرة التي كانت جذورها غربية وأوروبية، واصفاً أخلاقها بالمضطربة والتي تجعل منها في كل فترة عرضة للترنح والانهيار، والتي سببت الأذى والاستعمار والاحتلال لبلدان وشعوب كثيرة.
ورأى أن هذه الحضارة تعيش الآن مرحلة ولادة القطبية المتعددة، والتي ستنتج عنها مجموعة من الأقطاب الجديدة تقودها، حيث ستكون القطبية الأميركي واحدة منها فقط لا وحيدة، وسيكون هذا من أجل إثراء هذه الحضارة بأنواع مختلفة من الرؤى ووجهات النظر، على حد قوله.
وتنبأ الماجدي بأن تعمل هذه القطبية على تحويل الأقطاب المتعددة إلى حضارات جديدة، في المستقبل، تشترك في تبنيها للعلم الذي سيكون أساس هذه المدنية البشرية الواسعة كما أسماها.
وفي الجزء الأخير من المحاضرة تطرق إلى مشروع سلسلة تاريخ الحضارات الذي أنجزه والمكون، من حيث التخطيط، بكتابة كتاب واحد مستقل عن كل حضارة وقد أنجز منها الكتب التسعة الأولى، وستظهر هذا العام ثلاثة أو أربعة كتب جديدة لها.
يذكر أن خزعل الماجدي، إضافة إلى انخراطه في هذا المجال البحثي، كاتب مسرحي وشاعر. أصدر عشرات الكتب، التي تناولت حقول الحضارات والأديان والميثولوجيا، وكتب في الاستشراق وتاريخ الفن والأدب. وفي حقل الشعر والمسرح صدرت له أعمال مسرحية ومجاميع شعرية في سبعة مجلدات، وله كتاب نظري عن الشعر بعنوان "العقل الشعري".