تفتتح "متاحف قطر"، في الخامس والعشرين من تشرين الأوّل/ أكتوبر المُقبل، أضخم معرض يستضيفه متحفٌ خارج الولايات المتّحدة، وأوّل عرض متعمّق على مستوى العالَم خلال العقدَين الماضيَين، لأعمال الفنّانَين الأميركيَّين المرتبطَين ارتباطاً وثيقاً دان فلافن (1933 - 1996) ودونالد جَد (1928 - 1994).
وكان الفنّانان من مؤسّسِي التبسيطية، وهي حركة فنّية مؤثّرة على نطاق واسع، تحرّرت من المفاهيم التقليدية للرسم والنحت للتركيز على تجربة الفضاء الحقيقي والخامات.
التقى فلافن وجَد عام 1962 في نيويورك، وسرعان ما أصبحا مركز مجموعة من الفنّانين؛ من بينهم: لي بونتيكو، وجون تشامبرلين، ويايوي كوساما، وسول ليويت، وروبرت موريس، وكلايس أولدنبورغ، وفرانك ستيلا، الذين كانوا يرسون منطقة مشتركة تجمع بين الرسم والنحت.
يمتدّ تأثيرهما إلى الهندسة المعمارية والتصميم والأثاث
يفتح معرض "دان فلافن، دونالد جَد: الدوحة" أبوابه لاستقبال الجمهور في "غاليري متاحف قطر، الرواق"، وهو من تنظيم "متاحف قطر" بالتعاون مع "متحف مقاطعة لوس أنجليس للفنون" (LACMA) بتقييم فنّي من مايكل جوفان، الرئيس التنفيذي لـ"متحف مقاطعة لوس أنجليس للفنون" ومدير "مركز واليس أنبرت للفنون"، وجنيفر كينغ، القيم المساعد للفنّ المعاصر في "متحف مقاطعة لوس أنجليس للفنون".
ويأتي هذا المعرض في إطار مبادرة "قطر تُبدِع"، وهي حركة ثقافية وطنية على مدار العام، ترعى وتروّج وتحتفي بتنوُّع الأنشطة الثقافية في قطر، وتَربط المقيمين والجمهور العالمي بالصناعات الإبداعية في قطر.
من خلال 34 عملاً لفلافن و25 عملاً لجَد، يُركّز المعرض على تفاعُل الفنّانين المشترَك مع الخامة واللون والشكل. وسيضم المعرض أعمالاً تمتدّ منذ فترة الستّينيات وحتى التسعينيات، ويستمدّ معروضاته من مجموعة "متاحف قطر"، وغيرها من المؤسَّسات والمجموعات الخاصّة و"مؤسسة جَد" ومجموعة فلافن.
وقالت الشيخة المياسة آل ثاني، رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر، إنّ "الأثر الدائم الذي تركه هذان الفنّانان لا يقتصر على الفنون البصرية. ولا يزال عملهما معيار مجالات متنوّعة، مثل الهندسة المعمارية، والتصميم، والأثاث". من جهته، قال القيّم الفنّي مايكل جوفان: "غالباً ما يوصف كلٌّ من دان فلافن ودونالد جَد بأنه مؤسّس المدرسة التبسيطية الأميركية، وقد كانا من الروّاد، كالرسّامَين الأوروبيّين بيكاسو وبراك في أوائل القرن العشرين، في الستينيات في نيويورك".
وأضاف: "تصوَّر فلافن وجَد فنّاً جديداً مصنوعاً من خامات صناعية شائعة في كلّ مكان في ثقافتنا الحديثة. وفي النهاية، لم تكن أعمالهما الفنّية بسيطة المفهوم. بل على العكس من ذلك، فإن الأعمال في هذا المعرض، على مدار مسيرة الفنّانَين، تُظهر إتقانهما للون والشكل والخامة، فضلاً عن اهتمامهما بعلاقة أعمالهما الفنّية بالمعمار المحيط بهما".
فنّ مصنوع من خامات صناعية شائعة في كلّ مكان
يتكون المعرض من ثلاث قاعات عرض مركزية تعرض أعمال الفنّانَين بشكل يدلّ على اهتماماتهما وممارساتهما الفنّية المتلاقية، كما جرى تخصيص صالات عرض محيطة بهذا القسم المركزي لعرض أعمالٍ لكلّ فنّان منهما على حدة.
وتشمل أبرز الأعمال الفنّية عمل دان فلافن الخفيف من بداياته "ضوء 25 مايو 1963 المائل"، المستوحى من تمثال قسطنطين برانكوسي "العمود اللانهائي"، وأعمالاً من سلسلة "النصب التذكاري" باستخدام مصابيح فلورسنت بيضاء باردة بأطوال مختلفة في ترتيبات مختلفة.
وكذلك يضمُّ المعرض عملاً لجَد، من دون عنوان، يعود إلى عام 1964، ويؤرّخ لانتقال الفنّان بين الرسم والنحت، ومجموعة من التتابعات المعدنية وكومة عمودية، إحداها من الحديد المجلفن والأُخرى مصنوعة من النحاس وزجاج البلكسي الأخضر. وسيرافق المعرضَ برنامج من الفعاليات يشمل ندوات ومحاضرات تُعقد حضورياً وعبر الإنترنت، وجولات خاصّة.
وتتشارك "متاحف قطر" و"متحف مقاطعة لوس أنجليس" للفنون تاريخاً من التعاوُن والتبادُل المهني يعود إلى عام 2012، من خلال تقديم معرض "هدايا السلطان: فنون الإهداء في البلاط الإسلامي" بـ"متحف مقاطعة لوس أنجليس للفنون" في "متحف الفن الإسلامي". وفي عام 2018، جرى توسيع نطاق الشراكة من خلال التعاون الثلاثي مع "متحف يوز" في شنغهاي.