تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، الثاني والعشرون من آذار/ مارس، ذكرى ميلاد المطرب السوري فهد بلان (1933 – 1997).
بين دمشق وعمّان حيث عاشت والدته في الثانية، تنقّل فهد بلان الذي تحلّ اليوم ذكرى ميلاده في طفولته الفقيرة، حيث لم يستطع إكمال تعليمه وامتهن العديد من المهن كسباً للرزق فاشتغل في أعمال البناء وموظف تذاكر في حافلات النقل وبائعاً في عدد من المحال التجارية، إلى أن التحق عقب إنهائه الخدمة العسكرية بالعمل في فرقة التلفزيون السوري عام 1959 بعد فشله مرتين في امتحان التقدّم إليها، ثم نجاحه بعد غنائه "تطلع يا قمر بالليل" لفريد الأطرش أمام لجنة المسابقة.
لاقى صوت المطرب السوري (1933 – 1997) إعجاب الناس منذ طفولته، وتملّكه على الدوام إحساس أن لديه حنجرة ذهبية، وسيجد يوماً من يقدّر فنّه، وبالفعل حدث ذلك مع الملحّن السوري شاكر بريخان (1926 – 2007) الذي لحّن له أولى أغانيه "آه يا قليبي" وتمّ تسجيلها في إذاعة حلب، ثمّ لحّن له عبد الغني الشيخ (1905 – 1970) أغنية "قلي قلبك".
لكن النقلة النوعية في حياة بلان ستكون على يد الملحن السوري عبد الفتاح سكّر (1930 – 2008) حيث سيتعاونان خلال الستينيات، ويقدّمان مجموعة من الأغاني التي ستحقّق لـ"مطرب الرجولة"؛ لقب بلان آنذاك، شهرة واسعة في بلاده، ومنها "لأركب حدك يالموتور" و"واشرح لها" و"صح يا رجال"، و"جس الطبيب لي نبضي" والتي ستؤمن له الانتقال إلى بيروت ثم القاهرة، والتعرّف إلى جمهور أوسع.
في مصر، أقام نحو تسع سنوات حقق فيها بعض النجاح في تقديمه ذات اللون الذي عُرف به حيث توالى تقديمه أغاني بتوقيع سكّر مثل "تحت التفاحة"، و"يا عيني لا تدمعي"، و"هالأكحل العينين"، و"يا سالمة" و"يا ساحر العينين" و"يا بنات المكلا"، وحظي بإعجاب العديد من الفنانين الذين لم يتعاونوا معه وفي مقدمتهم أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب.
تنوّعت خيارات بلان بعد ذلك، حيث لحن له بليغ حمدي "بحري الهوى" و"من غير ميعاد" و"على كفي"، وكذلك سيد مكاوي في أغنية "يابو الطاقية" وموشح "مال واحتجب" من كلمات أحمد شوقي، كما لحّن له فريد الأطرش "ما أقدرش على كده" و"شوي شوي يا بنية"، إلى جانب أغنيتي "يا خيال يا رايح على الجولان" و"عباية مقصبة" من ألحان فيلمون وهبي، و "ما اشتقتيش" و"قوم تعلل يا مدلل" من ألحان ملحم بركات.
شارك فهد بلان في العديد من الأفلام السينمائية، منها "يا سلام عالحب" (1963) و"أفراح الشباب" (1964) لـ محمد سلمان، و"أنت عمري" (1964) لـ جورج قاعي، و"عقد اللولو" (1964) لـ يوسف معلوف، و"حبيبة الكل" (1965) لـ رضا ميسر، و"ليالي الشرق" (1965) لـ إلياس متى، و"القاهرون" (1967) لـ فاروق عجرمة، و"عاريات بلا خطيئة" (1967) لـ كوستانتين كوستانوف، و"فرسان الغرام" و"أين حبي" (1968) لـ ألبير نجيب، و"لسنا ملائكة" (1970) لـ محمود فريد، و"عجيب أفندي" (1971) لـ نقولا أبو سمح.
في أواخر حياته، قدّم مجموعة من الأغاني من تأليف وتلحين سعدو الديب، لاقى بعضها نجاحاً مثل "يوماً على يوم لو طالت الفرقة"، و"غالي علينا يا جبلنا"، و"سلامين"، و"شيالو" و"يا طير" و"سفرهم طال"، و"ترحل ولا كلمة وداع"، وفي تلك الفترة تراجع حضور بلان عربياً وانحسر فنّه داخل سورية وضمن ألوان غنائية محدّدة.