ودّعت الأوساط الثقافية التركية القاصّ والكاتب التركي راسم أوزدان أوران (1940 - 2022)، الذي شُيّع الأحد الماضي بحضور شخصيات سياسية وثقافية تركية بارزة.
ولد الشاعر - الذي غادر عالمنا في أحد مستشفيات أنقرة السبت الماضي - في مدينة مرعش، وهو الأخ التوأم للشاعر علاء الدين أوزدان أوران. درس الصحافة ثم الحقوق في "جامعة إسطنبول" وتخرّج منها عام 1967. بدأ بكتابة القصص منذ المرحلة الثانوية، وتناول فيها أثر التغيّرات الثقافية على المجتمع التركي في مرحلة الجمهورية. وقد أثّر تعرُّفه على الشاعر التركي المعروف، في بداية الستينيات، سيزاي كراكوتش على مسار حياته الفكرية والأدبية.
بدأ أوزدان أوران بنشر قصصه منذ منتصف الستّينيات في العديد من المجلّات الأدبية التركية، ووصفه كثير من الأدباء الأتراك آنذاك بأنه صاحب لغة خاصة في القصّة التركية، وقد نجح في مجموعته القصصية الأُولى التي صدرت عام 1967 بعنوان "المرضى والأنوار" في رصد تحوّلات المجتمع التركي وصراعات الهوية، بشكل جديد.
وبصدور مجموعته القصصية الثانية عام 1972 بعنوان "انحلال" التي تناول فيها أثر التغريب على انحلال قيم الأسرة التركية، احتلّ أوزدان أوران مكانة مهمّة في خريطة الأدب التركي، وقد تحوّلت المجموعة إلى فيلم تلفزيوني. عُرف الكاتب الراحل بدفاعه عن الهوية الإسلامية لتركيا، وتوالت مجموعاته القصصية في هذا الاتجاه بعد ذلك، كما تحوّلت مجموعته "موت متعدّد الأصوات"، الصادرة عام 1974، إلى فيلم تلفزيوني أيضاً، وحصل على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة الأفلام التلفزيونية ببراغ عام 1978.
وفي بداية حياته، ترجم بعض الأعمال عن الإنكليزية، مثل رواية "مزرعة الحيوان" لجورج أورويل عام 1964، وكتاب "نظام الحياة في الإسلام" لأبي الأعلى المودودي عام 1967.
عُرف بدفاعه عن الهوية الإسلامية لتركيا وانتقد حكم الحزب الواحد
تنوّعت أعمال الراحل بين القصّة والكتب الفكرية، حيث صدر له أكثر من ثلاثين كتاباً، كما صدرت له رواية واحدة بعنوان "الرجل الذي يربّي الورد" عام 1979، وهي العمل الوحيد الذي تُرجم إلى العربية (صدرت عن دار ورد الأردنية هذا العام، بترجمة محمد صديق يلدريم)، وتتناول حياة شخص شارك في حرب الاستقلال وفقد الكثير من أصدقائه ثم وجد أن المجتمع فقد القيم التي حارب من أجلها، فأغلق بيته على نفسه لمدّة خمسين عاماً، وانشغل بتربية الورد. وينتقد أوزدان أوران في هذه الرواية مرحلة الحزب الواحد في تركيا.
وإلى جانب كتاباته الأدبية، عمل راسم أوزدان أوران في الصحافة، حيث ساهم في تأسيس مجلّتي "الأدب" عام 1969، و"مافيرا" عام 1976، كما رأس تحرير مجلّة "الهجاء" الأدبية منذ عام 2014، واستمرّ في كتابة عمود صحافي لأكثر من أربعين عاماً في صحيفتي "يني ديفير" و"يني شفق"، حول أمور الفكر والسياسة.
كما ألّف الراحل العديد من الكتب في الفكر الإسلامي، أبرزها: "مقالات في الفكر الإسلامي" (1985)، و"الإيمان مرّة أخرى" (1987)، و"أن تعيش كمسلم" (1988)، وقد حصل على العديد من الجوائز الأدبية والفكرية، مثل جائزة "مؤسسة الثقافة الوطنية"، فرع الفكر، عن كتابه "عَالَمان" عام 1978، وجائزة "حكواتي العام" من "اتحاد الكتاب التركي" عام 1984، عن كتاب "باب مفتوح على البحر"، و"جائزة الشاعر نجيب فاضل" عام 2018، و"جائزة الرئاسة الكبرى" عام 2015.
جدير بالذكر أن أوزان أوران كان ضمن ما يُعرف في الأوساط الثقافية التركية بجماعة "السبعة الجميلين" الأدبية، وهم: الشعراء جاهد ظريف أوغلو (1940 - 1987)، وعلاء الدين أوزان أوران (1940 - 2003)، ونوري باكديل (1934 - 2019)، ومحمد عاكف إينان (1940 - 2000)، وأردم بيازيد (1939 - 2008)، وسيزاي كراكوتش (1933 - 2021). وقد أنتج التلفزيون التركي مسلسلاً حول حياتهم منذ أن كانوا طلاباً في المرحلة الثانوية بمدينة مرعش في الخمسينيات، والدور الذي قدّموه للحياة الثقافية التركية في ما بعد.