رغم أن رافائيل لم يصل إلى لوحة مكتملة حين رسم "مذبحة الأبرياء" عام 1510، والتي تجسّد المجزرة التي قام بها الملك اليهودي هيرودوس الكبير وقتل خلالها جميع الأطفال دون سن العامين في بيت لحم خلال السنة السابعة قبل الميلاد؛ إلا أنها تركت تأثيرها على فنانين لاحقين ومنهم بيكاسو حين رسم "غرنيكا" وركّز على تصوير القسوة دون تمجيدها.
قدّم الرسام والمعماري الإيطالي رفائيلو سانزيو دا أوربينو (1483 – 1520) عناصر معقّدة ومتناسقة في أشكالها داخل اللوحة، ما ميّز أسلوبه الفني بطبيعته التركيبية التي طبعت فلورنسا كمدينة في ذلك العصر، والفاتيكان كمعلم ديني وضع فيه جلّ أعماله.
"رافائيل ومدرسته وصلات الرسم" عنوان المعرض الذي افتتح في الثاني من الشهر الجاري في "المتحف البريطاني" بلندن" ويتواصل حتى منتصف أيار/ مايو المقبل، والذي يستعيد أثر رافائيل على عدد من تلاميذه خلال عصر النهضة.
يضيء المعرض على تعامل الرسام مع شخصياته التي رسمها في عشرات البورتريهات، وقدّمها على نحو يظهر تحكّمها بعواطفها وضبطها لنفسها في لحظات دراماتيكية ما ميّز أسلوبه عن بقية مجايليه، مع احتفاظه ببعض التقنيات التي تعلمها على يد الفنان الإيطالي بيترو بيروجينو مثل كثافة اللون، خاصة في الظلال والملابس الداكنة وتخفيفه في طلاء الجسد العاري.
تنوّعت اهتمامات رافائيل بين الطباعة والفن الزخرفي وتصميم المنسوجات والعمارة، بالإضافة إلى عمله في ترميم العديد من المباني الأثرية في روما وفلورنسا، والتي تعكس اعتناءه بالتفاصيل الدقيقة للمشاهد الدينية والأحداث التاريخية التي صوّرها، والصورة المثالية لشخصياته التي رسمها.
يتضمّن المعرض تسعاً وعشرين لوحة لرافائيل تبيّن تطوّر تجربته في ثلاث مراحل، بدءاً من أعماله الأولى في أومبريا، مروراً بالأعوام الأربعة التي قضاها في فلورنسا واستوعب خلالها التقاليد الفنية للمدينة في ذلك العصر، وانتهاءً بسنواته الأخيرة في روما التي حقّق فيها نجاحاته ضمن حالة شديدة من التنافس مع مايكلو أنجلو تحديداً.
كما يدرس المعرض تأثيره على تلامذته ومنهم بيرينو ديل فاغا (1501 – 1547) والذي عمل تحت إشراف رافائيل في تزيين القصر البابوي وتنفيذ زخارف جدرانه الجصية، وبوليدور دا كارافاجيو (1499 – 1543) الذي طوّر أسلوب معلمه في إعادة إنشاء زخرفة العصور الكلاسيكية القديمة، وجوليو رومانو (1499 – 1546) الذي كان أحد أعضاء ورشة رافائيل لكن اتخذ أسلوباً مغايراً في تقديم أعمال محتشدة بالعناصر، وجيوفاني فرانشيسكو بيني (1490 – 1528) الذي سار على خطى رافائيل في معظم جدارياته التي نفّذها.