تأخذ المادّة في أعمال الرسّام والنحّات المغربي محمّد بنّاني، الذي غادر عالَمنا أمس الأربعاء في أحد مستشفيات مدينة القنيطرة عن ثمانين عاماً، مكانةً مركزية؛ إذ ينسحبُ اللون والشكل إلى مراتب ثانوية لصالحها؛ حيث الترابُ والرمل والحجارةُ مادّةُ العمل، وفي كثير من الأحيان موضوعُه أيضاً.
هذه المركزية التي يُعطيها التشكيلي المغربي (1943 - 2023) للمادّة، المادّة الطبيعية، لا تنفصل عن رؤيته للون الذي يرى أنّ للمكان السلطة العليا في تحديده. في المغرب مثلاً، يبدو الأزرق والأبيض متناسبَين مع الشمال، ثمّ البرتقالي والأحمر وغيرهما من الأوان الصاخبة والحارّة كلّما اتّجهنا جنوباً. غير أنّ هذه لا تناسب مدينةً مثل باريس التي تفرض ألواناً أكثر هدوءاً: الأسود والأبيض والرمادي.
أقام بنّاني، الذي وُلد في مدينة تطوان ودرس في "جامعة القرويّين" بفاس، أوّل معارضه الفردية في مدينة طنجة أواخر السبعينيات. وقبل ذلك، في عام 1962 تحديداً، نال منحةً للدراسة في "المعهد العالي للفنون الجميلة" بباريس؛ حيث عمل لسنوات بعد حصوله على شهادة في الرسم والنحت.
وخلال تجربته، أقام محمّد بنّاني العشرات من المعارض الفردية وشارك في عدد كبير من المعارض الجماعية؛ في المغرب وتونس والعراق وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا والولايات المتّحدة وغيرها. وفي عام 1993، صدر له كتابٌ مشترك مع الطاهر بن جلّون بعنوان "واضحٌ – غامض".