مثّلت أفكار المعماري المصري حسن فتحي (1900 - 1989) محطة بارزة في تطوير المعمار العربي بربطه في آن بجذور التراث وآفاق الحداثة البصرية، بما يلبّي الهدف الرئيس من فن العمارة وهو خدمة الإنسان وحضوره في العالم.
امتدّ إرث فتحي في أجيال لاحقة، وقد بقيت أفكاره حاضرة بفضل تلاميذه ومن أبرزهم المعماري نبيل غالي الذي رحل عن عالمنا يوم الجمعة الماضي في القاهرة التي كان يعتبره كثيرون أحد حرّاس تراثها، إضافة لكونه أحد مجدّدي جمالياتها بما وضعه من تصميمات تحاول مراعاة امتدادها التاريخي.
بدأت مسيرة غالي المعمارية عام 1962 بعد تخرّجه من "كلية الفنون الجميلة - قسم العمارة"، وسرعان ما التقى هو وعدد من زملائه بأفكار حسن فتحي حول عمارة الفقراء محاولين إثراء الفكرة وتطويعها أكثر لمتطلبات الحياة الجديدة.
كان لغالي دائماً رأي في سياسات الدولة العمرانية، سواء من خلال حضوره في الندوات أو الحوارات الصحافية، أو عبر مسؤولياته في لجان كثيرة حاول من داخلها أن ينقذ الكثير من بهاء القاهرة، والتي نعرف ما تتعرّض إليه من إهمال لعل رحيل غالي تزامن مع أكبر عملية طمس للتراث المعماري في مصر مع ما نشهده من توسعة طرقات وتشييد لأبراج سكنية على حساب مبان تراثية.
في أحد حواراته أشار غالي إلى أن مصر تعاني من تلوّث بصري شديد كما هو الحال مع الفضاء السمعي وحتى التنفسي، والذي يعيده إلى سياسات عشوائية عرفتها مصر منذ سبعينيات القرن الماضي، وتتواصل مع تهميش متواصل للمعماريين في صياغة تصورّات لمستقبل الفضاء العام.