رزاق إبراهيم حسن.. حضور الأدب في المقهى البغدادي

01 اغسطس 2022
(مقهى الزهاوي في بغداد)
+ الخط -

في نهاية الأربعينيات، احتضن "مقهى ياسين" في بغداد مجموعة من الكتّاب والصحافيين الذين شكّلت قضايا التحرر والالتزام الأدبي والعلاقة بين التراث والحداثة جلّ نقاشاتهم، ومنهم بدر شاكر السيّاب وجبرا إبراهيم جبرا وبلند الجيدري وعبد الوهاب البياتي وحسين مردان وآخرون.

ارتبطت المقاهي بالتيارات السياسية والثقافية التي نشأت في العراق خلال القرن العشرين، وكانت الفضاء الأساسي لتجمّعاتهم وإصدار بيانات تعلن عن ولادة الأحزاب والجماعات الأدبية، ما جعل السلطة في مراحل مختلفة تشدّد رقابتها على تلك الأمكنة، وتحدّد ميول الشخصيات العامة بحسب المقاهي التي ترتادها.

ضمن "سلسلة الموسوعة الصغيرة"، صدرت حديثاً عن وزارة الثقافة العراقية الطبعة الثانية من كتاب مقاهي بغداد الأدبية – دراسات في التاريخ والنصوص" للباحث العراقي رزاق إبراهيم حسن (1946 – 2020)، الذي يتتبع الصلة بين الكاتب والمقهى خلال العصر الحديث.

غلاف الكتاب

يشير المؤلّف إلى أن أقدم مقهى عرفته العاصمة العراقية، هو "خان جغان" الذي بُني عام 1590 في عهد الوالي العثماني جفالة زداه سنان باشا، ويقع خلف المدرسة المستنصرية، حيث يذكر الباحثون أنه كان أحد المحال التي أسّسها الوالي لزيادة إيرادات إدارته، وورد ذكره في وثيقة تاريخية تشير إلى أن الحكومة باعته لأحد الباشوات سنة 1673.

يوضّح حسن أن عدد المقاهي البغدادية تجاوز مئة وأربعين بحسب تقارير رسمية وُضعت في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، وتزايدت بشكل كبير وصولاً إلى القرن العشرين، وتتضمّن المصادر العثمانية إشارات إلى أن بعض المقاهي خصّصت للوجهاء أو رجال العلم والأدب أو المنشغلين باللهو والتسلية، لكن لم تُذكر أسماء بعينها.

اختلف الأمر في القرن الماضي، وفق الكتاب، الذي يبيّن أن مقهى "أمين" الذي تأسس عام 1917 وحمل اسم الشاعر جميل صدقي الزهاوي في وقت لاحق، وفيه وقعت مناقشات جمعته مع الشاعر معروف الرصافي أدارها الكاتب أحمد حامد الصراف الذي شهد خلافاتهما ومصالحاتهما أيضاً، وكان الرصافي حين يخرج من المقهى غاضباً من الزهاوي يجلس في "مقهى عارف آغا" الذي اتخذه مكاناً يلتقي فيه مؤيديه، كما كان يتردّد أيضاً على "مقهى الشط".

كما يلفت حسن إلى استمرار حضور المقاهي في الحياة الأدبية، حيث شهد "مقهى البرازيلية تأسيس "اتحاد الكتاب العراقيين" والجلسات التي تعقدها رموز الحركة التشكيلية العراقية آنذاك، وغيرها من المقاهي التي كان يستمع فيها روّادها إلى المغنين والمغنيات.

المساهمون