في أواخر السبعينيات، برز اسم رضا عبد السلام الذي تبنّى أسلوباً في أعماله الفنية يعتمد التعبير التلقائي، مع توظيفٍ لأشكال من الفن الشعبي أو البدائي، وجرأة في استخدام الألوان الصارخة واللون الأسود أيضاً، وكذلك مواد وخامات مجسَّمة بغرض إضافة البُعد الثالث على اللوحة.
وشكّل المكان العنصر الأبرز في تجربة الفنان التشكيلي المصري (1947)، حيث اهتمّ بدايةً بتصوير الحياة اليومية في مسقط رأسه بمدينة السويس التي تطلّ على البحر الأحمر، خاصةً قوارب الصيد والسفن العابرة لقناة السويس، لينتقل بعدها إلى رسم واحات سيوة والوادي الجديد ورمال الصحراء في سيناء.
حتى الرابع من الشهر المقبل، يتواصل في "إتيليه العرب للثقافة والفنون - غاليري ضي" بالقاهرة المعرض الاستعادي لعبد السلام تحت عنوان "خمسون عاماً من الفن" الذي افتتح عند السادسة من مساء أول أمس السبت.
يضمّ المعرض ما يقرب من ثلاثمئة عمل تمثّل العقود الخمس الماضية، وما تعكسه من تنوّع في الوسائط: ما بين الرسم بالألوان الزيتية والمائية، والأكريليك، والغرافيك، والنحت، والكولاج، والجداريات، والأعمال التركيبية؛ كما تحتشد فيها أشكال وزخارف هندسية ورموز مستمّدة من الحضارة المصرية القديمة، والموتيفات الشعبية وبقايا التذكارات والماركات التجارية، وغيرها من العناصر التي يعيد تشكيلها بما تحيله من دلالات بصرية جديدة.
تحضر أيضاً في لوحات عبد السلام بقايا ألعاب أطفال، وأكواب ملونة، وغيرها من الأشياء التي تشير إلى النمط الاستهلاكي للحياة المعاصرة بما تتضمّنه من دوافع وقيم وسلوكيات، وتجاورها أيقونات دينية في انعكاس لطبيعة التناقضات والاختلافات التي يعيشها الإنسان اليوم.
من جهة أخرى، يسعى الفنان في ممل أعماله إلى رصد تلك التحوّلات الحادّة التي أصابت بنية المجتمعات العربية، والمصري منها تحديداً، حيث يركّز على الازدحام داخل المدينة والاضطرابات التي تبرزها حركة الحشود والعناصر البشرية، وكأنها في حركة تنقّل وترحال دائم ومسكونة بالاغتراب في مكانها.
يُذكر أن رضا عبد السلام حاز درجة دكتوراه في فلسفة الفنون من "جامعة القاهرة" عام 1988، وصدرت له مؤلفات وأبحاث نقدية عديدة؛ من بينها: "الرسوم التحضيرية" (2001)، و"فن الرسم المصري المعاصر" (2002)، و"رسامون بين الصحافة والمعارض" (2020)، وأقام العديد من المعارض الفردية والجماعية في إيطاليا وإسبانيا وسويسرا وفرنسا وهنغاريا وتركيا والهند والبرازيل والعراق واليمن إضافة إلى مصر.