في أعمالها التي تقدّمها خلال العقدين الماضيين، تحاول الفنانة البنغالية، المقيمة في بريطانيا، رنا بيغوم، طمس الحدود بين النحت والرسم والعمارة، من خلال استعارتها مناظر من المشهد الحضري في بلادها، إلى جانب الأنماط الهندسية من الفن والعمارة الإسلامية التقليدية.
وتستكشف الفنانة التغيّر الذي يطرأ على العمل الفني نتيجة التلاعب بالعناصر الأساسية المكوّن له؛ الضوء والشكل واللون، ضمن تجريد مدروس على مستوى الأسلوب والمنهج أيضاً، يتخذ غالباً هيئة طائرات ورقية ببعدين أو ثلاثة أبعاد تسبح في فضاء متحركّ ويتبّدل شكلها بحسب اختلاف زاوية النظر إليها.
بعد اختتام معرض بيغوم المقام في "غاليري ميد" بمدينة كوفنتري البريطانية في الثالث عشر من الشهر الجاري، يفتتح في الخامس والعشرين منه معرض آخر بعنوان "ضوء مرقش" في فضاء "بيتزانغر مانور" بلندن، ويتواصل حتى الأول من أيلول/ سبتمبر المقبل.
لا تضع الفنانة عناوين لأعمالها؛ إذ تكتفي بأرقام لا تشير إلى معنى محدّد، في نوع من المحاكاة لمفاهيم التحوّل والانتقال التي تركّز عليها، كما يظهر في عمل "1079" الذي نفّذته خلال جائحة كورونا باستخدام لوحة قماشية تتكوّن من عدّة طبقات ولونتها برذاذ الطلاء الزيتي، لتعكس حيوية وديناميكية اللون وتشكّلها في علامات غير مفهومة.
في عمل آخر، تبني بيغوم فكرتها بطلاء شبكة صيد تنتشر على أرضية الغرفة وجدرانها وسقوفها بطريقة متعرّجة وغبر منتظمة حيث يتخلّلها الضوء الذي يبدو كغطاء نباتي يشير إلى دورات النمو الموسمية للأشجار، بينما تنفّذ عملين آخرين بواسطة مصابيح أحضرتها من مدينة إسطنبول لتغطي بها الحائط، بحيث يتشابك ضوءها ويتوزّع في المحيط على نحو متشظ.
مع تكرارات الألوان وحركة الضوء وتناوبها على الأسطح، تتبلور فكرة بيغوم بشكل أوضح، حيث تبدو هذه الكتل مؤلفة من أشكال متعدّدة الألوان وكأنها صاعدة إلى الأعلى، وتطفو كسحابة في داخل قاعة العرض تتداخل فيها المشاعر والذاكرة وتأمّلات في أزمات الواقع من جهة، وفي فكرة التجريد ذاتها حين تظهر مرسومة وشبه منحوتة وأقرب إلى التصميم المعماري.
يُذكر أن رنا بيغوم وُلدت في مدينة سيلهيت البنغالية عام 1977، وحازت درجة بكالوريوس في الفنون الجميلة من "كلية تشيلسي للفنون والتصميم" سنة 1999، وماجستير في الرسم من "مدرسة سليد للفنون الجميلة" في بريطانيا عام 2002، وأقامت العديد من المعارض في الهند وهولندا وكوريا الجنوبية وتركيا والمملكة المتحدة.