"لطالما كان الفنّ بالنسبة لي مثل التنفس، عملية طبيعية جداً لا يمكن العيش من دونها". بهذه الجملة المكتوبة على مدخل صالة "مونال"، يستقبل "المتحف الوطني للفنون" في العاصمة المكسيكية، زوّار معرض الفنان والرسام المكسيكي رودريغو بيمنتال (1945 - 2002)، الذي يحمل عنوان "تحوّلات"، ويستمرّ حتّى الخامس من كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
يعتبر رودريغو بيمنتال من أشهر الرسامين المكسيكيين الذين ينتمون إلى السكان الأصليين، وقد استطاع أن يرسّخ نفسه في المشهد الفني المكسيكي من خلال أعماله الفنية، التي كانت مزيجاً من الألوان والأساطير، والإلهات، والأقنعة، والحيوانات. يأتي معرض "تحولات" احتفاءً بمسيرة الفنان، وهو عبارة عن مجموعة من أعمال العقود الأربعة الماضية، وتحتوي أكثر من 90 لوحةً فنية لم تنشر من قبل، أغلبها لوحات زيتية أو رسومات اشتغلها الفنان بالألوان المائية.
ينقسم المعرض إلى خمسة أقسام، هي: "أصول"، و"صور ذاتية"، و"القناع"، و"الكرنفال الوطني" و"الحيوانات الرامزة والمناظر الطبيعية"، يربط فيما بينها بالألوان الكثيفة التي، وكما اعتاد أن يقول الفنان المكسيكي، "تعبّر عن الحقائق التي تغذي الحياة اليومية للشعوب". وفي كثير من اللوحات تلعب هذه الألوان دور البطولة، حيث تتوزّع على مساحة القماش، وتُغطّي قسماً كبيراً منها، ومن أجساد الرجال والآلهة والشخصيات الموجودة في اللوحة، والتي تعدُّ من العناصر الرئيسية الأُخرى التي تشغل اللوحات.
غير أن هذه العناصر الطبيعية التي يستخدمها بيمنتال في لوحاته، والتي غالباً ما تكون أقنعة أو حيوانات، أو رموز أسطورية، أو حتى أشكال آدمية، تُحيلنا إلى شيء واحد فحسب، إنّه السحر، حيث يتمّ تلخيص الحياة نفسها، والأحلام، واليوتوبيا والواقع أيضاً. غير أنّ وظيفتها ليس الإيحاء والإشارة فحسب، بل إنّ الفنّان يُوظّفها بطريقة مُعيّنة في اللوحة كي تُحرّك فينا قدرتنا على ابتكار الواقع وتخيُّله بشكلٍ آخَر.
بالنسبة لعنوان المعرض "تحوّلات"، فقد اهتمّ بيمنتال بمفهوم التحوّلات وربطه كثيراً بلحظة الإبداع، تلك اللحظة التي يضع فيها مَن يرسم اللوحة قِناعاً يتحوّل من خلاله إلى إنسان خلّاق أو مُبدع، لذلك سيُلاحظ المُشاهد أنّ العديد من اللوحات فيها أقنعة يرتديها بيمنتال نفسه.
كذلك يربط الفنان المكسيكي مفهوم التحوّلات بالحياة والموت، وبمفهوم الهوية، هذه القدرة التي يمتلكها الإنسان على التحوّل، وعلى تجاوز الحياة والموت على حدٍّ سواء، وليست اللوحة المرسومة التي تكون دليلاً على إمكانية التغيير والتبدّل.
يُذكر أن رودريغو بيمينتال هو فنّان ورسّام مكسيكي، ولد عام 1945 في زينابرو. درس الفنون الجميلة في "الجامعة الوطنية المستقلّة" في المكسيك. شارك في العديد من المعارض المحلّية والدولية، ونال العديد من الجوائز، أهمّها "الجائزة الوطنية للرسم". رحل عن عالمنا في عام 2022، بعد أن ترك وراءه إرثاً كبيراً من الأعمال الفنّية.