في لوحة "شارع الشحروري"، تلجأ سارة شعّار إلى صورة فوتوغرافية لبنايات الشارع الذي يقع في منطقة الأشرفية ببيروت، وأخرى لأحد جدران أبنيته، من أجل أن ترسم لوحتها بالأسود والأبيض، المكوّنة من خطوط وبقع مجرّدة. لكنها تمنح عمقاً ما يجذب المتلقي لتشكيل عوالم موازية في ذهنه، قد تجد مرجعياتها البصرية في أمكنة لا تحصى، لكنها تقول شيئاً ما عن العاصمة اللبنانية.
"يقين متخيل" عنوان معرض الفنانة اللبنانية الذي افتُتح في غاليري Art on 56th" ببيروت في العاشر من الشهر الجاري، ويتواصل حتى العاشر من الشهر المقبل، ويضمّ حوالى ثلاثين لوحة تتشابه في تكويناتها وأسلوب تنفيذها، لكنها تذهب في مساحات متنوّعة لونياً وبنائياً.
تقدّم شعار فوضى مدينتها في فضاء من الغموض، حيث الكتل الحمراء أو الزرقاء أو الصفراء لا رابط بينها على سطح اللوحة إلا من خلال تكثيفها للحلم والرغبة البدئية بالحياة ضمن متاهات خطوطية تتشكّل كألعاب لونية وبصرية متعدّدة.
يشير بيان المعرض إلى أن "أسلوب عمل الفنانة مبني على دورة بناء وتفكيك وإعادة بناء"، كما يتضح في لوحة "شارع الشحروري"، على سبيل المثال، وهي تقدّم من خلال هذه المراحل الثلاث أطوار حياة بيروت في أزمنتها المختلفة، وتستند في شغلها إلى عملية محو متواصلة من خلال الحفر والخدش لتشكيل العمل في مستويات بصرية متراكمة.
وتسكن اللوحة كائنات شبيهة بالحشرات، تمّ إنشاؤها بعلامات غريزية لتعكس دوافع الفنانة ومشاعرها، حيث تجتمع طبقات الطلاء والمواد المختلطة، في محاولة للكشف عن إشارات مفككة للتراب والأرض، في إشارة إلى الشعور بالتجذر أو الانتماء.
ينقسم المعرض إلى مجموعة لوحات نفّذتها بالحبر والزيت في أحجام متنوّعة يهيمن عليها الأبيض والأسود بشكل أساسي، وهي تمتزج بعناصر كثيرة لا يمكن تحديد ملامحها بوضوح، حيث تتراءى بأشكال عديدة بحسب زاوية النظر إليها، لكنها تتآلف فيما بينها لتحيل المتلقّي إلى مناظر تجد جذوراً لها في مخيلته، لكنه لا يمتلك اليقين بأنه شاهدها على هذه الهيئة، إذ هي تناظر التحولات الدائمة في مدينة مثل بيروت.
يُذكر أن سارة شعّار ولدت في مدينة ميامي بالولايات المتحدة، وتتنوّع اشتغالاتها بين الرسم وفن الفيديو، وأقامت معرضها الفردي الأول في كندا، إلى جانب مشاركتها في العديد من المعارض الجماعية في لبنان والدنمارك وفرنسا.