تقف هذه الزاوية من خلال أسئلة سريعة مع صوت جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكتّاب. "عالم النشر معقّد، وتحكمه الدوائر الثقافية المغلقة على نفسها"، يقول الكاتب المصري في حديثه إلى "العربي الجديد".
■ كيف تفهم الكتابة الجديدة؟
أرى أنها متعدّدة الوجوه والتجارب، فالتجربة أصبحت هي أساس الكتابة الجديدة، والطريقة المُثلى في تخطّي حواجز الكتابة المعتادة وسياجها الكلاسيكي، وفي ظنّي أن النص إذا لم يحمل الوجه الإبداعي بملامح جديدة فقدَ بريقَه وتوارى في الذاكرة الأدبية.
■ هل تشعر نفسك جزءاً من جيل أدبي له ملامحه؟ وما هي هذه الملامح؟
طبيعة ما أكتب تجعلني منفصلاً بشكل كبير عن موجات الكتابة الحالية، لكن لديّ ملاحظة على مصطلح "الجيل الأدبي"، فهذا المفهوم لم يعد موجودًا بشكله السابق والمعهود، أو ربما يُخَيَّل لي هكذا، فقد كان هناك تيار أدبي متوقّع ظهورُه في أعقاب ثورات الربيع العربي، لكن حتى الآن هذا الجيل لا يعوّل عليه ولا يمكن اعتباره جيلاً واضح المعالم، هناك تجارب جيدة ولكنها تأتي بشكل فردي وغير ممنهج.
■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟
علاقة اتصال دائم، ولكني أطمح إلى تجاوزهم، خصوصًا أن أدوات الكتابة في تطوّر مطّرد، ولكن من المؤكد أن الجيل الحالي رغم كلّ تمرّده الأدبي لا يزال يقتبس الأسس والقواعد المعرفية في الكتابة من الأجيال السابقة، وهو ما لا يعني بالضرورة التوافق والاندماج بين المشاريع، فالهُوَّة الفاصلة بين خيالات جيلنا وخيالات من سبقونا سحيقة بحكم التطوّر المعرفي الهائل، لكن هذا التطوّر لم يكن كفيلًا أبدًا بإعادة صياغة أسس الإبداع الفني والأدبي.
■ كيف تصف علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟
أحاول التواصل مع كلّ نتاجهم الثقافي بكل أشكاله وفروعه، فبعض التجارب الجديدة مبشّرة وتفتح آفاقًا جمالية واسعة. لذا فأنا دائم التواجد في كافة النشاطات الثقافية في نطاق مدينتي الصغيرة (الإسكندرية)، فالتفاعُل مع المحيط المعرفي مطلوب، ولكن لا بد من أن يكون تفاعلًا حذرًا حتى لا يقع الكاتب في فخّ ضياع الهوية والتكرار.
■ كيف صدر كتابك الأول؟ وكم كان عمرك؟
كنت في السادسة والعشرين تقريبًا عندما بدأتُ مشروع كتابي الأول: "أم كلثوم وسنوات المجهود الحربي" والذي يصدر خلال أيام عن دار "تنمية" في القاهرة، وقد كان لديّ تخوّف كبير من معركة النشر خصوصًا أنها تجربتي الأولى، فعالم النشر معقّد، وتحكمه النزعة التجارية والدوائر الثقافية المغلقة على نفسها، لكن دار "تنمية" سعَت بكلّ الطرق لتذليل كلّ الصعاب ووضع الكتاب تحت ضوء الشمس في أفضل صورة ممكنة.
■ أين تنشر؟
أنشر مقالاتي على منصات إلكترونية مختلفة مثل: "إضاءات" و"منشور" و"ساسة بوست"، وأخيرًا أكتب زاوية موسيقية في منصة "أدب 360" بالإضافة لمقالات موسيقية تصدر في دوريات عربية مختلفة.
الكتابة الجديدة متعدّدة الوجوه وأصبحت التجربة أساسها
■ كيف تقرأ؟ وكيف تصف علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟
إذا كانت لديّ عادة وحيدة منتظمة طوال حياتي فستكون القراءة بكل تأكيد، وإن كانت منتظمة فهي تحمل قدرًا لا بأس به من العشوائية. ففي مطلع كل عام أحدّد إطارًا عامًا للقراءة دون التقيّد بمواضيع محدّدة سلفًا، وطوال الرحلة أستدعي من ذاكرتي كتبًا مختلفة، إذ أترك عناوين القراءة السنوية تسير بعفوية خصوصًا أن في بداية كلّ عام تخرج إصداراتُ المعارض العربية، والتي تعطي زخمًا للمكتبة العربية وتفرض نفسها بقوّة على خُطط العام.
■ هل تقرأ بلغة أخرى إلى جانب العربية؟
أحاول جاهدًا أن أتعاطى الأدب بلغته الأصلية، فأنا دائمًا أرى أن الترجمة تقلّل من جماليات النص وعمق باطنه اللغوي وخصوصًا عند ترجمة الشعر، لكن بكل أسف هذا لا يحدث بشكل منتظم أو دائم، فالنص المترجم – إذا كان متوفّرًا- أقرب ليد القارئ من النص الأصلي.
■ كيف تنظر إلى الترجمة؟ وهل لديك رغبة في أن تُترجَم أعمالُك؟
أي كاتب يسعد بترجمة أعماله، فالترجمة لغة مستقلّة في حدّ ذاتها، ومعبرًا آمنًا يخترق الحدود الأدبية، وربما ذلك ما يُفسر تلك الهوة العميقة بين شعبية كُتابنا وشعبية كُتاب الغرب، فالعالم العربي يعاني من أزمات حقيقية في مجال الترجمة بصورتها العكسية، فلا يزال الانفتاح المعرفي على اللغات المختلفة قاصرًا، ولا تزال الثقافة العربية بعيدة عن ردم الهوّة بينها وبين الغرب من خلال الترجمة، فعدد المترجمين الثقة قليل، والمواضيع مقيدة بالقيود التجارية، لكن ما تحقّق في العقد الأخير مُبشّر، ويؤكد أن نجومية المترجم قادمة، وأن النص العربي قادر على تلبية متطلّبات المتعة لدى القارئ الغربي إذا تصدّى له مُترجم جيد.
■ ماذا تكتب الآن؟ وما هو إصدارك القادم؟
أعمل حاليًا على مشروع بحثي عن اللقاءات العشرة بين أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، في محاولة لتوثيق زمن الروّاد وأصدائه في الصحافة العربية، والوقوف على الجماليات الموسيقية لتلك المرحلة.
بطاقة
كاتب وباحث موسيقيّ، وُلد في الإسكندرية عام 1992، درَس الموسيقى العربية أكاديميًا، حاصل على دبلوم الدراسات العليا في مجال العلوم السياسية من "كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية - جامعة الإسكندرية" (2021)، كتب للعديد من المواقع والصحف العربية مقالات بحثية حول الأدب العربي والتراث الغنائي والموسيقى الشرقية، يصدر له هذا الشهر كتابه الأول "أم كلثوم وسنوات المجهود الحربي" عن دار "تنمية للنشر والتوزيع".