استمع إلى الملخص
- يؤكد على أن الكتابة الجديدة تأتي كاستجابة للتحولات السريعة في العالم، مشدداً على أهمية مراقبة التغيرات التي تحدثها التراكمات الكمية، واستفادة الجيل الأدبي الجديد من إرث الأجيال السابقة.
- يصف علاقته بالبيئة الثقافية في بلده بأنها متعددة، ويشارك في الندوات واللقاءات الأدبية، ويطمح إلى إتقان اللغة الإنجليزية لتعزيز فهمه للنصوص النظرية.
تقف هذه الزاوية عبر أسئلة سريعة مع صوت جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكتّاب. "تشغلني أسئلةُ ما بعد الطوفان"، يقول الباحث المغربي لـ"العربي الجديد".
■ ما الهاجس الذي يشغلك هذه الأيام، في ظلّ ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة ولبنان؟
- قلقُ الانتماء، أسئلةُ ما بعد الطوفان، محاولة تقفّي بعض الخيوط التي يمكن أن تسوقني نحو احتمالات لا تقلّ تفاؤلاً عن يوم السابع من أكتوبر. هل أخلفنا الموعد؟ نعم، ككلّ المواعيد السابقة. هل فجر النصر قريب؟ أكثر من أي وقت مضى. لكنّ بلوغه سيتطلّب منّا الكثير، وربما أكثر ممّا قُدِّم في الماضي؛ أقصد المهام الثقافية والفكرية الملقاة على ما تبقّى من المثقّفين الحقيقيّين، فما شهده العالم منذ ما يزيد على سنة يستدعي وقفةَ تأمّلٍ حقيقية وتفكيراً عميقاً في ارتدادات "الطوفان" على جميع الأصعدة.
■ كيف تفهم الكتابة الجديدة؟
- الكتابة الجديدة إجابة عن سؤال مُلحّ تطرحه "الحاجة"، في مقابل الوعي بقصور الكتابة "القديمة" في استيعاب التحوّلات المتسارعة للعالم. معنى ذلك أنّ الحاجة إلى "الكتابة الجديدة"، هي حاجة موضوعية، وليست رغبة ذاتية تصدر عن أهواء وبواعث داخلية. وعليه، فإنّ بلوغ "كتابة جديدة" يستدعي الإنصات إلى سيرورة عملية الإنتاج الإبداعي، على حدّ تعبير بيير ماشري، وترقّب الانعطافات التي تُحدثها عملية التراكم الكمّي.
كثيرة هي المهام الثقافية الملقاة على ما تبقّى من مثقّفين حقيقيّين
■ هل تشعر بأنّك جزء من جيل أدبي له ملامحه؟ وما هذه الملامح؟
- أعتقد ذلك، ولو أنّ الحديث عن جيل أدبي يبدو سابقاً لأوانه، بحيث يصعب، في حقل الأدب والنقد، تحديد ملامح جيل جديد لا يزال في طور البحث عن أسئلته الخاصّة أدبياً ونقدياً كذلك.
■ كيف علاقتك بالأجيال السابقة؟
- في اعتقادي أنّ "الجيل الجديد" عموماً مدين كثيراً للأجيال السابقة التي أفنت عمرها في التحصيل والإنتاج العلميَّين. ولا غرابة في أن تجد الأقلام الشابّة تنهل من مَعين أساتذة كبار، وربما نسجت على منوالهم، مُحاوِلةً في ذلك بلوغ مراتب الدقّة والجودة والرصانة التي كانت تميّز كتابات معظمهم، مع التشديد على ضرورة أن تلتحف هذه المراقي بأسئلة الراهن المتجدّدة والمتشابكة.
■ كيف تصف علاقتك بالبيئة الثقافية في بلدك؟
- علاقاتي متعدّدة ومتنوّعة. وفي هذا السياق، أحتاج إلى الإشارة إلى أنّ البيئة الثقافية كما أتمثّلها لا تنحصر في بُعدها المؤسّساتي، بل تتّسع لتشمل كّل فضاء يروّج للفعل الثقافي ويحتضنه. وعليه، فإنّني أعتبر نفسي دائم الاحتكاك مع مثقّفين تشغلهم أسئلة حقيقية تتّصل بالأدب والفكر والتاريخ، ولا يقتصر الأمر على الندوات واللقاءات الأدبية، سواء في الجامعة أو المراكز الثقافية، بل وسط المقاهي أيضاً؛ حيث ألتقي نخبةً من مثقّفي الهامش الذين يتقنون مطارحة السؤال المعرفي على أصوله.
■ كيف صدر كتابك الأول؟ وكم كان عمرك؟
- صدر كتابي "تجاوز الأعراف السردية" عام 2023 عن "دائرة الثقافة" في الشارقة، بعد أن نال "جائزة الشارقة للإبداع العربي" في الدورة السابعة والعشرين.
■ أين تنشر؟
- إلى جانب "تجاوز الأعراف السردية"، نشرت بعض المقالات في مجلّات عربية؛ أذكر منها: "أفكار" و"المستقبل العربي" والصقيلة" و"فكر الثقافية"، إضافةً إلى بعض المواقع الإلكترونية.
■ كيف تقرأ وكيف تصف علاقتك بالقراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟
- أحاول التركيز في قراءاتي على ما قد يُغني معارفي في موضوع تخصصي. وعليه، فإن عملية القراءة، بالنسبة إلي، تتأسس على منطق الأولويات. ورغم ذلك فإن الأمر لا يمنع، بين الفينة والأخرى، من أن أكسر هذا المنطق بتعريجي على نص روائي أتحسس فيه ذوقي الجمالي وأختبر جدواه. لكن عملية القراءة تحتاج إلى صبر، وأناة، وقوة تحمّل، وتركيز، وكل ذلك لن يتأتى إلا إذا أَتيْتَ المقروء وأنت متسلّحٌ بهَمّ فكريّ ومعرفيّ ترغب في فَكّ مغاليقه المعقّدة.
■ هل تقرأ بلغة أُخرى إلى جانب العربية؟
- أصبحتُ، في الفترة الأخيرة، أكثر انفتاحاً على اللغات، وبخاصّة الإنكليزية. لكن لا أزال أتوسّل إلى مُعين في فهم النصّ الإنكليزي، خصوصاً ما يتّصل بالمفاهيم النظرية؛ لذا أحاول أن أُكَثِّف من جهودي لبلوغ مرحلة إتقان اللغة.
■ كيف تنظر إلى الترجمة، وهل لديك رغبة في أن تُتَرجَم أعمالُك؟
- الترجمة وسيلة لولوج عوالم الآخر الثقافية، ونافذة مهمّة للتلصّص (علناً) على ما يفكّر به الآخر الثقافي، سعياً لتجسير الحدود، وردم الهُوّة المعرفية بين الذات وآخرها. لكنّ الترجمة التي أتطلّع إليها بشدّة، وآمل أن تجد مسرباً يحقّق هذه الرغبة، ترجمة المشاريع النقدية العربية؛ وأقصد تلك التي نأت عن إعادة إنتاج الخطاب النقدي الغربي بحذافيره، وسعت لأن يكون للنقد العربي مشاريعه النقدية الخاصّة. طبعاً، سأكون راغباً في أن تترجم "أعمالي" إن حاولتْ، على الأقل، الاقتراب ممّا أنجزه نقّاد كبار من أمثال عبد الرحيم جيران وسعيد يقطين.
■ ماذا تكتب الآن، وما إصدارك القادم؟
- انشغالي منصبّ على إتمام أطروحة الدكتوراه. ومن جهة أُخرى، فقد أتممت كتابة دراسة نقدية ستصدر قريباً في كتاب جماعي.
بطاقة
باحث من مواليد مدينة القصر الكبير شمالي المغرب. يعمل أستاذاً في التعليم الثانوي، ويُحضّر لأطروحة دكتوراه في الآداب في الفكر الأدبي والنقدي الحديث بـ"كلّية الآداب والعلوم الإنسانية" في "جامعة عبد المالك السعدي" بتطوان. صدر له كتاب بعنوان "تجاوز الأعراف السردية: استراتيجيات السرد غير الطبيعي في رواية ما بعد الحداثة: روايات سليم بركات أنموذجاً" (2023).