يدرس أستاذ الآثار والباحث العراقي عامر الجميلي في عدد من مؤلّفاته تاريخ الخط العربي والفنون واللغات القديمة في حضارات بلاد الرافدين، بالإضافة إلى مفاهيم الجغرافيا السياسية كما عبّرت عنها النصوص المسمارية السومرية والأكدية والنقوش الآشورية.
ويناقش أيضاً التطور التاريخي لمهنة الكتابة في تاريخ العراق القديم، الذي بدأ بوجود كتّاب متخصصين يعملون في المعابد، وكذلك في بلاط القصور، ثم ظهور كتّاب في مجالات متعدّدة مثل القضاء والشؤون العسكرية والعقود والمواثيق، وصولاً إلى العلوم والأدب والترجمة وغيرها.
"الوحدات الجغرافية الإدارية والتجمعات السكانية في عصور مختلفة من تأريخ العراق القديم" عنوان المحاضرة التي يقدّمها الجُمَيلي افتراضياً، عند الرابعة من مساء اليوم الخميس، بتنظيم من "تجمع تراثنا"، ضمن سلسلة ندوات مشروع "ندوات مشروع اعادة كتابة التراث في العالم العربي".
يعود الباحث العراقي في المحاضرة، التي يديرها أستاذ مادة الاستشراق ناصر ملا جاسم، إلى النصوص المسمارية المكتشفة التي تؤكّد أنّ العراقيين القدماء عنوا بتدوين بعض المفاهيم الجغرافية بأسلوبهم الخاص، فرسموا الخرائط للمدن والأراضي، وحدّدوا الأبعاد والاتجاهات الأربع، وثبتوا أسماء المدن والبحار والأنهار، وإلى غير ذلك من المعلومات التي تقع ضمن حقل الجغرافيا.
ويشير إلى أن أقدم خريطة معروفة للعالم وُضعت في بلاد الرافدين، كما خلف لنا العراقيون أقدم خريطة زراعية في تأريخ حضارة الإنسان رُسمت عليها حقول زراعية ومجموعة من جداول الري والقرى والطرق على النحو الذي تُرسم به خرائطنا الحديثة، ويعود تاريخها إلى ما قبل أكثر من ثلاثمئة سنة.
في أطروحته "المعارف الجغرافية عند العراقيين القدماء" التي نال عنها درجة الدكتوراه عام 2006 ونشرها في كتاب سنة 2012، يناقش الجُميلي اتجاهات الفكر الجغرافي العراقي القديم ومساهمته الأولى في الحضارة الإنسانية في تدوين وثائق الملكية، ورسم الخرائط والمخططات، التي تبين ملامح سطح الأرض (الطوبوغرافية) ومن بينها التضاريس، إلى جانب خرائط المدن والمدن المخططة أو التصميم الأساس للمدن وللوحدات البنائية، فضلاً عن خريطة العالم البابلية والخرائط الفلكية.
ويتتبع عامر الجُميلي أيضاً المعجم الجغرافي لحضارات الرافدين، والذي ضمّ قوائم بأسماء المدن والأقاليم والبلدان والجبال والبحار والأنهار والقنوات والمعابد والأقوام والشعوب، وشكّلت ما يمكن تسميته بمصطلحات العصر الحديث بـ"الأطلس" لمواقع عديدة من منطقة الشرق الأدنى القديم.