تشغل النظرية السياسية حيّزاً مركزياً لدى الباحثين في تراث الحضارة الإسلامية، فهذا الجزء ــ عدا عن اتصاله بآليات الحُكم وتاريخ الدول والمجتمعات وكذلك الثورات ــ يكتسب راهنية تتأتّى ممّا هو حاضر، ومن اهتمام التيارات الفكرية والسياسية المختلفة التي تستقي مرجعيتها من تعييناتٍ في إطار تراثي.
كما لا يُمكنُ إغفال الوضعية الحداثية التي ترسّخت أكثر في المجتمعات العربية خلال القرن العشرين، أي في مرحلتَي الاستعمار وما بعده، وهذه الحالة فرضت بدورها نظيمات جديدة في الحُكم. ومن مهمّات البَحث المعاصر اليوم أن يُقابل هذه الأشكال ببعضها، ويخلًص إلى قولٍ مقارَن بينها.
"الخلافة: بحثٌ في أصول عمليات التداول في الإسلام الكلاسيكي" هو عنوان المحاضرة التي يقدّمها الباحث الأردني عبد الحميد الكيالي، عند الخامسة من مساء الثلاثاء المُقبل، في "مكتبة الأرشيف" بعمّان، ("المركز العربي للأبحاث ودراسات التنمية")، وبالتعاون مع "المعهد الفرنسي للشرق الأدنى" بعمّان، ويحاوره فيها الباحث إياس حسن.
تهدف المحاضرة في المقام الأول إلى عرض المفاهيم المتأصّلة في مجتمعات المنطقة والمحفوظة في ذاكرتها وتراثها الثقافي، مثل: الخلافة أو أنظمة الخلافة، والشورى، والاستخلاف أو التعيين، وأهل الحلّ والعقد، وأهل الاختيار، والبيعة، وغيرها من المصطلحات، وبسْط القول فيها ضمن سياقها التاريخي، بحسب ما جاء في بيان المنظّمين.
كذلك تحاول استكشاف كيفية النظر إلى هذه المفاهيم، سواءً بالإعلاء من قيمتها أو التقليل منها، وذلك في لحظات تاريخية مركزية في تاريخ الإسلام، كالفترة العبّاسية المتأخّرة عندما أصبحت الخلافة أو مسألة السلطة في الإسلام مشكلة في حدّ ذاتها في ضوء تفكّك الإمبراطورية العبّاسية وتراجع سلطة الخُلفاء.
يُشار إلى أن المحاضرة هي جزء من سلسلة بعنوان "محاضرات إسلاميّات متجدّدة 2022 - 2023"، تُعنى بالدراسات حول الإسلام وحضاراته من منظور العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة. وتتناول السلسلة التي ينظمها "المعهد الفرنسي للشرق الأدنى" بالتعاون مع عدد من الشركاء، الثقافات الإسلامية في كلّ تجلياتها عبر التاريخ، سواء عبر تراثها النصّي المكتوب أو تراثها المادّي أو نتاجاتها الفكرية أو تجليّاتها الاجتماعية.
والجدير بالذكر أن عبد الحميد الكيالي يحمل درجة الدكتوراه من "معهد الدراسات حول العالم العربي والإسلامي" في "جامعة إكس - مارسيليا" الفرنسية عام 2012. صدر له كتاب بالفرنسية تحت عنوان "مذهب النبوّة لدى موسى بن ميمون: بين الفكر اليهودي والفكر الإسلامي" (2013)، وله دراسات منشورة في مجلّات محكّمة، ومنها "مهدي فراشري، حاكم القدس عام 1912: وجهات نظر جديدة من خلال الأرشيفات العربية والعبرية" (2018).