منذ عقدين تقريباً لم يقترن اسم كاتب أفريقي بـ"جائزة نوبل للآداب". قطيعةٌ عرفتْ حدّاً أمس الخميس، مع إعلان "الأكاديمية السويدية" منح الجائزة الأدبية الأبرز في العالم إلى الروائي التنزاني ذي الأصول اليمنية، عبد الرزاق غورنه (1948).
وقد أشار بيان الأكاديمية إلى أن غورنه نال "نوبل" بفضل تعمّقه في تناول آثار الاستعمار ومصير اللاجئين بين الثقافات والقارات، وهو الذي عرفت عائلته، ذات الأصول العربية، مصير الهجرة والاغتراب من زنجبار حيث وُلد إلى بريطانيا التي وصلها في العشرين من عمره (1968).
وقد طبع هذا المسار الشخصي علاقته بالكتابة وحتى بالعالم الأكاديمي، حيث تمثّل كتابات ما بعد الاستعمار السردية مركز اهتمامه كباحث ومدرّس جامعي، وهو الحائز على درجة الدكتوراه عام 1982 من "جامعة كينت" البريطانية.
بدءاً من عام 1987، تاريخ صدور روايته الأولى "ذكرى المغادرة" وحتى العام الماضي، الذي شهد ظهور كتابه "أكثر من آخِرة"، أصدر عبد الرزاق غورنه عشر روايات، وثلاث مجموعات قصصية، إضافة إلى عدد من الأبحاث الجامعية المحكّمة. وقبل نيله "نوبل"، رُشّح عددٌ من رواياته ـــ المكتوبة بالإنكليزية جميعها ـــ إلى جوائز معروفة في الفضاء الأنغلوفوني، مثل جائزتَيْ "بوكر" و"وايت بريد" اللتين وصلتها روايته "الهَجر" عام 2006، وجائزة الملحق الأدبي لجريدة "لوس آنجلس تايمز" التي وصل إلى قائمتها الطويلة بروايته "قُرب البحر" (2011).
تحضر الشخصيات العربية أو ذات الأصول العربية والإسلامية، بكثافة في عالَم غورنه السردي، كما هو الحال في "الهجر"، التي تروي قصة رشيد وعائلته التي عاشت الاستعمار البريطاني في زنجبار ومن ثم المنفى. ورغم هذا القُرب من التاريخ والثقافة العربيين، لم يعرف الكاتب التنزاني طريقه إلى لغة الضاد، وهو الذي تُرجم عددٌ من أعماله إلى العديد من اللغات الأوروبية والعالمية.
على أن المفارقة شاءت أن تكون صورته الأكثر تناقلاً ونشراً في وسائل الإعلام، منذ إعلانه فائزاً بالجائزة أمس، هي صورة التُقطت خلال حضوره الوحيد في العالَم العربي عبر مشاركته في "احتفالية فلسطين للأدب" عام 2009 بـ"جامعة الخليل".