استمع إلى الملخص
- يُعيد تصور الخامات المألوفة في صياغة تعبيرية جديدة، معتمدًا على الكولاج والحروفيات وإعادة تدوير المخلفات، لخلق توتر وتناقض بين الأزمنة والعوالم في أعماله التركيبية.
- البورتريهات والعناصر الفلسفية تُعد جزءًا مهمًا من أعماله، مُظهرةً تركيزه على الشحنة الداخلية للشخصيات والتراجيديا في الحياة المعاصرة، بالإضافة إلى استخدامه لزخارف وأشكال من حضارات قديمة.
ظلّ التجسيم والجداريات عنصراً أساسياً في أعمال الفنان المصري عبد السلام عيد (1943)، الذي افتُتح معرضه الاستعادي مساء أول من أمس السبت في "متحف الفنون الجميلة" بالإسكندرية، ويتواصل حتى نهاية الشهر الجاري، متلازماً مع الرسم منذ بداياته في نهاية الستينيات.
ممارسة لم تغب طوال العقود الماضية في سعيٍ للتحرُّر من المفاهيم التي كانت سائدة في تلك المرحلة، ومن التقنيات التي يغلب عليه طابعٌ كلاسيكي في التصوير، لذلك لجأ إلى استخدام خامات وأساليب متعدّدة مثل الفسيفساء، بالإضافة إلى الزُّجاجات الفارغة، والدوائر الإلكترونية والكهربائية، والعملات، وشرائح النحاس، والأقمشة المُعالَجة، والحبال، وبعضها حاضرٌ في معرضه الحالي.
كما سعى في الوقت نفسه إلى التعامُل مع الخامات المألوفة ضمن صياغة تعبيرية جديدة، تحكمُها نزعة تجريبية حافظ عليها عيد، في محاولاته لتجسيد عُمق الحضارات وتراكُمها في استعمال للمواد يُشير إلى الطمس والمحو والتقادُم وآثار الزمن الذي يعكس موضوعاً محورياً في تجربته.
يتعامل الفنّان مع الخامات المألوفة ضمن صياغة تعبيرية جديدة
يُمثّل البورتريه، في المعرض، جزءاً مُهمّاً من الأعمال التي تتنوّع في شكلها وتعبيراتها بين خطوط ناعمة في رسم الوجوه، أو قويّة واضحة تُحيل إلى تدفُّق وحركة دراميّة في ملامحها، حيث تُظهِر سعي الفنّان للتركيز على الشحنة الداخلية للشخصيات المرسومة، وتعميق الإحساس بالتراجيديا التي يعيشها الإنسان المُعاصر.
كما تحضر عناصر أُخرى في أعماله تأخذ في دلالاتها بُعداً فلسفياً، توضِّحُ خطوط النسيج في بأطياف لونية معقّدة وأحياناً ضبابية ومُتراكمة أو كثيقة لتدلّ على الغموض والحيرة والاستمرارية في الحياة أو في محاولات تأويلها وتفسيرها، مع ترميزات مختلفة عبر استدخال زخارف أو أشكال من فنون حضارات قديمة.
يستخدم عيد تقنيات عديدة في معالجاته البصرية والمفاهيمية ومنها الكولاج والحروفيّات وإعادة تدوير مخلّفات قديمة، في أعماله التركيبية، التي يتأسّس تكوينها من مزج عوالم قديمة بأُخرى معاصرة، أو فضاءات أسطورية بعناصر صناعية تقنية أو غيرها للإيحاء بتداخل الأزمنة وخلق توتّر وتناقض في ما بينها.
يُذكَر أن عبد السلام عيد حاز درجة الدكتوراة من "أكاديمية الفنون الجميلة" بمدينة أوربينو الإيطالية عام 1979 وعمل مدرّساً جامعيّاً لأكثر من أربعة عقود. أقام العديد من المعارض الفردية في إسبانيا وإيطاليا وفرنسا والسعودية، إلى جانب مصر.