في عام 1975، عُرضت مسرحية "عطيل والخيل والبارود" للكاتب والمخرج المسرحي المغربي عبد الكريم برشيد (1943)، ضمن عدّة نصوص تعامل فيها مع الشكل التراثي كموقف من الوجود، ومن السياسة والأخلاق والحياة والموت.
العمل الذي أنتجته آنذاك "فرقة مسرح الطلائعي"، استند إلى المسرح الاحتفالي، الذي سعى روّاده إلى الخروج على المسرح الأرسطي خاصة على مستوى الكتابة المسرحية، وإيجاد علاقة بين الشكل المسرحي والمتلقّي العربي تنبعث من ثقافته وموروثه.
أعاد المخرج إبراهيم وردة تقديم المسرحية ذاتها بعد قرابة نصف قرن تحت عنوان "عطيل دوميل ديزناف"، والتي تُعرض عند السابعة من مساء غدٍ الثلاثاء على خشبة "مسرح عبد الله كنون" في الدار البيضاء.
في النسخة الجديدة، تشارك مجموعة من الممثلين الذين شاركوا في المسرحية خلال السبعينيات، ومنهم: عبد العزيز بنيس، ومحمد حرمة الله، وصالح العسري، وأولاد أحمد، إلى جانب رفيق مرشيد وبهيجة النازيعي وماء العينين عناني وعبد الرحمان أوبحم.
يضمّ العرض شخصيات أساسية هي: عطيل، السيد وغموض، وشهريار، والبوهو، ورابعة، وربيع، وهم ممثلون قراوا إعلاناً على جدران المدينة لإدارة "مسرح الضباب" تشير فيه إلى رغبتها في التعاقد مع ممثلين تعوّدوا على الأدوار الشريرة، فوقّعوا العقد وأتوا إلى المسرح في انتظار قدوم المخرج.
ولما تأخر المخرج عن موعده، دخل الممثلون في أداء مجموعة من المشاهد سرعان ما اندمجوا فيها على نحو جعلهم يُنكرون وجود المخرج بعد وصوله، وكلّ واحد منهم اعتبر أن شخصيته متصلة بحياته الخاصة.
حاول المخرج ثنيهم عن الأدوار التي قدّموها من أجل الانخراط في مشروعه القائم على الارتجال، ما سيتيح المجال مرة أخرى للعبة التمثيل داخل التمثيل كي يقع الممثلون في أسرها ويبلغ امتزاج الحقيقة بالمسرح أقصى درجاته.
وعندما اندمج عطيل في دوره قام باتجاه المخرج الذي رأى فيه عدّوه ياجو فختفه حتى الموت ليتحول التمثيل في لحظة إلى حقيقة، لكن بقية الممثلين كانوا على اعتقاد بأن الممثّل يموت أكثر من مرة، ولا داعي للقلق.