عاد أستاذ الآثار الإسلامية عبد المنصف سالم نجم في محاضرته "أثر العمارة العربية على العمارة الأوروبية في العصور الوسطى في الفترة من 5-9هـ/ 11-15م"، التي ألقاها أمس عبر منصّة زووم، إلى تأثّر الحضارة العربية الإسلامية بالفنون البيزنطية والساسانية، ثم تطويرها مفرداتها البنائية وعناصرها الزخرفية لاحقاً.
المحاضرة التي نظّمها "سمينار قسم الآثار الإسلامية" في "جامعة عين شمس" (رواق) بالتعاون مع "المعهد الفرنسي للآثار الشرقية" تمحورت حول الازدهار العمراني لدى المسلمين في فترة جاوزت أربعة قرون حكموا خلالها إسبانيا والبرتغال وجنوب إيطاليا وأجزاء من فرنسا، حيث استعار الأوروبيون أنماط البناء لديهم في العديد من المباني الدينية، والمباني المدنية، والمباني الحربية.
تطرّق نجم إلى طرق انتقال الأفكار المعمارية الإسلامية إلى أوروبا من خلال الحجّاج والرحالة القادمين إلى الشرق لزيارة الأماكن المقدسة، حيث بدأ التفاعل الغربي مع الثقافة العربية وتمّ نقل العديد من الطرز والتصميمات إلى القصور وكذلك المساجد والكنائس.
انتقلت الأفكار المعمارية الإسلامية عبر الحروب والتجارة والرحاّلة الغربيين إلى أوروبا
كذلك أشار إلى انتقال هذه الأفكار عبر الحروب والأسرى، بحسب المصادر التاريخية التي توضّح كيفية تأثّر الفرنجة في حملاتهم على العالم العربي بمجالات عديدة، مثل الفلسفة والعلوم والتجارة والفن والعمارة، إذ تم نقل التصميم الدائري المقبب في مسجد قبة الصخرة الذي أصبح رائجاً في بناء الكاتدرائيات الأوروبية، واستُعيرت أيضاً نقوش الخط العربي والزخارف الهندسية التي ظهرت في الأزياء بشكل أخصّ.
وبيّن أيضاً أن العمارة القوطية بدءاً من القرن الحادي عشر أخذت العديد من الأفكار المعمارية الإسلامية، مثل البرجين التوأمين والنافذة الدائرية التي تشتهر بها الكنائس في تلك المرحلة، وكذلك العقود المعمارية المضلَّعة والأقواس المدببة والنوافذ الزجاجية الملوّنة، والتي بقيت موجودة في المساجد التي تمّ تحويلها إلى كنائس في الأندلس خلال القرن الثالث عشر مثل مسجد قرطبة.
لا يغفل المحاضِر التبادل الثقافي من خلال التجـار الذين شكّلوا حلقة وصل مهّمة في العديد من القطاعات، إلى جانب المعابر التي نفذت منها فنون العمارة الإسلامية إلى أوروبا، منها بلاد الأندلـس وقبرص وصقلية وإيطالـيا التي استعارت نماذج من العمارة المملوكية في مصر في فترة لاحقة، وجنوب فرنسا وبولندا وألمانيا.
يُذكر أن عبد المنصف سالم نجم له العديد من البحوث والمؤلفات في مجال الآثار الإسلامية، منها "مدخل إلى الفنون الإسلامية"، و"كتاب تاريخ الفن والعمارة"، و"حلوان مدينة القصور والسرايات"، و"قصر إسماعيل صديق المفتش بلاظ أوغلي"، و"قصور الأمراء والباشوات في مدينة القاهرة"، و"العلاقة بين النص والوظيفة على الفنون التطبيقية الإسلامية في مصر منذ بداية العصر الإسلامي وحتى نهاية العصر المملوكي (21- 923 هـ/ 641 – 1517 م)".