احتفظت قصيدة عمر شبانة بخصوصية تُميّزها عن تجارب شعراء الثمانينيات في الأردن، حيث كانت في بداياتها محمّلة أكثر بالأيديولوجية وبنبرة سياسية عالية، لكنّ صاحبها سيذهب بعيداً في تجريبه، متحرّراً من قيود عديدة، في تأمُّل للطفولة والمكان الأوّل وذاكرة الطريق.
أصدر الشاعر (1958) مجموعته الأُولى بعنوان "احتفال الشبابيك بالعاصفة" سنة 1983، لينقطع فترة ليست بالقصيرة، قبل أن يُصدر مجموعته الثانية "غبار الشخص" عام 1997، مكرّساّ مزيداً من النضج والاختلاف في أعماله التي نُشرت خلال العقدين الماضيين.
بعد أربعين عاماً من الكتابة، يُصدر شبانة "الأعمال الشعرية الناجزة" عن "العائدون للنشر" في عمّان، والتي تضمّ مجموعاته السبع، وهي: الطفل إذ يمضي" (2006)، و"رأس الشاعر" (2013)، و"سيرة لأبناء الورد" (2017)، و"حديقة بجناحين" (2018)، و"يمشي كنهر دونما ضفاف" (2019)، بالإضافة إلى أوّل مجموعتين.
في حديث سابق إلى "العربي الجديد"، يقول شبانة إن "أيّ شاعر/ كاتب لا يكتب لقارئ محدّد السّمات والملامح، ولكلّ شاعر قارئ "متخَيَّل"، لكنّه حين يكتب قصيدته وينشر ديوانه لا يُفكّر، بل يجب ألّا يفكّر بنمط محدّد من القرّاء. فهو يكتب لنفسه أوّلًا، ثمّ لقرّاء غير معروفين، الأمر الذي يجعل قصيدته مفتوحة على آفاق غير محدودة".
ويضيف: "قُرّاء الشعر ليسوا من لون واحد، وربّما كان لكلّ شاعر قرّاؤه، على قلّة القرّاء أصلاً. وأكثر ما تجد قرّاء الشعر، إذا أردنا مستوى رفيعاً من القراءة، هم من الشعراء والمبدعين أساساً، وذلك عبر وسائل التواصل، أكثر من أيّ وسيلة للنشر، الأمر الذي يسهّل التواصل بين المبدعين وتجاربهم، ويمنحهم فرصة الاطلاع والمتابعة لتجارب بعضهم البعض".
في قصيدة "اسمي الذي يليق بي" التي تتضمّتها مجموعة "سيرة لأبناء الورد"، يكتب شبانة":
"طَويلًا
بَحَثْتُ عَنْ اسْمٍ يُلائمُني
وعَميقًا حَفَرْتُ لأرسِمَهُ،
ألْفَ عامٍ حَفَرْتُ، رَسَمْتُ،
وجُبْتُ العواصِمَ حتّى اهْتَدَيْتُ،
وأيْقَنْتُ أنّيْ ابْتَعَدْتُ وتُهْتُ،
وأدْرَكْتُ -بالقَلْبِ-
أنّي أنا اسْمي".
أمّا في قصيدة "طفولة أُولى" من مجموعة "يمشي كنهر دونما ضَفاف"، فيدوّن:
"أنا من وُلدتُ
على ضفاف الغيم
أحمل ألف عمّان على كتفي،
أعرفها حميعًا كالخطوط على يدي،
وأعرف التاريخ والأسماء والجغرافيا الأولى،
ولكن البداية في حقول الغور".
كما يقول في قصيدة "رحلة أُخرى إلى اللاشيء" من مجموعة "حديقة بجناحين":
"يا حياة أحبكِ
لكن أريدكِ أن
تمسحي من كتاب حياتي
أفاعي غيابك
وأنا،
إذا أحبّكِ،
أمحو
عصافير حزني
التي أثقلت صفحات كتابكْ".