عندما وجدتُ يدكَ تحت الأنقاض

09 أكتوبر 2024
هيام يارد (تصوير: آنا سيرّانو)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يتناول النص موضوعات الصراع والدمار والهوية، معبرًا عن الألم والمعاناة تحت وطأة الحروب، ويطرح تساؤلات حول قيمة الحياة والانتصار والهزيمة، مشيرًا إلى أن من ينهزمون يدركون قيمة الحياة الحقيقية.
- يتطرق النص إلى الحرية والبحث عن الهوية في ظل الظروف القاسية، معبرًا عن الأمل في مواجهة الموت والدمار، ويشير إلى أن الأمل يكمن في الاستمرار رغم الألم.
- الشاعرة والروائية اللبنانية، المولودة في بيروت عام 1975، تكتب بالفرنسية وبدأت مسيرتها الأدبية عام 2001، وأصدرت عدة مجموعات شعرية وروايات، منها "خزانة الظلال" و"انفجارات".

1

وضعوا بلدي في قنبلة يدوية
وقالوا لي: "اركعي. الأفق مستَحَقٌّ بالركوع". اتخذت الوضعية. السماء أيضاً.
وعندما أقنعتُ الأرض أن تفعل الشيء نفسه، 
اجتاحت المركبات الغيوم.


2

إذا وجدتَ زرقةً في دمي 
أكثر من عينيك، ثق بالأمم المتحدة. سوف تعيد
اللون الأحمر إلى النار. إلى الدّم. الحقيقة شوكة 
يهزم بها المرءُ الأشباح
 في طواحين الهواء.


3

عندما تشرب من أسْرِنا هناك نارٌ 
تجلب الماء إلى ركبتيه. شيء ما 
يذهب أبعد من الماء.

 
4

عندما أردت إقناع الجدار بالإعجاب 
بما يُحْدِث فيه ثُقباً، كانت السماء مستديرة
مثل البرتقال الأزرق. لكن عندما اشتكى جلدُنا 
من عدم وجود نوافذ، قلت لهم: الجدران. 
الجدران مكتفية بالظلال
من أجل الإيمان بالضوء. 


5

أوقفوا إطلاق النار. أوقفوا. هناك نار
في نيّة النار. غروب الشمس
في بنادقنا الصدئة. هدناتنا ريشٌ 
مليء بالحبّ المحبط
أكثر من المليشيات المسلحة. 


6

عندما قدّم بلدي نفسه من خلال الحصار لم أتمكن
من وضعه في العالم. ابتلعته
حتى يتوقف عن الوجود
في أي مكان
غير في جلودنا.  


7

ما قيمة الحياة بالنسبة لأولئك الذين يفوزون؟
فقط أولئك الذين ينهزمون يعرفون. 


8

في أرواحنا الكبيسة، نحبّ مرّةً واحدة
من أصل أربعة. نحن نقتل. النور
هو وعدٌ غائبٌ. 
مثل الحب. 


9

إذا كانت أحاسيسنا سراباً، فربما 
يكون الموت هو إحساس الآخر. 
هذا ما يأمله الغريق
في كل مرّة يُقال له: 
استمر في غرقك.
 

10

ما فائدة إحراق أنفسنا في ذاكرتنا 
إذا كانت النار أسرع من الماء
في كلّ مرّة تكون فيها الكلمة لها الأسبقية
على الفكر؟ إذا تمّت مصادرة بلداننا من شواطئ
هشّة مثل ما تبقى من الحياة. إذا لم تعد الجريمة نفسها
تفرّق بين القسوة 
والجمال الجريح. 


11

دخلت الفكرة في الحجز للبحث عن لغة
تنقذها من نفسها. لا تقتلعني
بذيلك. الحرية تؤخذ من أجل حرية أُخرى
عندما تُمَزّق أجنحة الفراشات. 


12

عندما وجدتُ يدكَ تحت الأنقاض
سألتُ بقية جسدك. ضحكت يدك. 
"لقد أعطاني مجاناً لجار
 بُترت ساقاه". أحمق. لم يكن عليك فعل ذلك أبداً. 
في المزاد العلني
نتدرب على المساومة 
على تشوهاتنا.


13

مدننا هنّ نساء يتبولن
واقفات. وتمت معاقبتهن على ذلك. ربما 
رجل يلعب بذيله 
وبندقية على رأسه. 


14

من طلب منك أن تحمل
بلدك على كتفك إذا كانت الحُفر نفسها 
غير مبالية بأنقاضنا واللجوء يصنع فقدان الذاكرة
 للقذائف. إذا كانت إيماءاتنا كافية لجعل الأمواج
 تريد أن تُحطّم مرّة أُخرى. إذا بدأت الأبدية في الضحك
 وفي هذا الضحك،
هناك أنت.


15

تقول المدينة: "أنا لست بقايا". أنا ما تبقى من النار
بعد نسيان كلّ شيء
ولكن إذا حدث أن فقدتُ ظلّي في يوم من الأيام 
أخبرني من سيعيد إليّ الجدار الأخير. 


16

الأفق يقتل بالتأكيد مثل الشواطئ. 
قسوته موجودة هنا.  
قسوته موجودة هنا
ولكن
إذا كان ظلّ السحابة سحابة عابرة فسأكون ظلّاً 
وإذا كان ظلّ بلد ما هو بلد يعاني، 
فسأكون هو. 
سأكون أنت.  


* ترجمة عن الفرنسية: محمود عبد الغني



بطاقة

شاعرة وروائية لبنانية تكتب بالفرنسية، من مواليد 1975 في بيروت. بدأت إصداراتها عام 2001 بمجموعة شعرية حملت عنوان "انعكاسات القمر"، أتبعتها بثلاث مجموعات أُخرى وست روايات، من بينها: "خزانة الظلال" (2006)، و"تحت العريشة" (2009)، التي نقلتها إلى العربية ماري طوق و"انفجارات" (2021)، حول انفجار مرفأ بيروت. كما أسّست "نادي القلم اللبناني" عام 2012.
 

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون