في عام 1998، قدّم غسان سلهب فيلمه الروائي الأول "أشباح بيروت" عن نصٍّ كتبه، بعد أن أخرج مجموعة من الأفلام القصيرة منها "المفتاح" (1986)، و"الآخر" (1989)، و"بعد الموت" (1991)، و"أفريقيا الشبح" (1993)، و"في الغواية" (1998).
يستكشف الفيلم الفراغَ الذي أحدثته الحرب الأهلية اللبنانية، من خلال قصص مجموعة من الأصدقاء جمعتهم أفكار ثوريّة في بداية الحرب، قبل أن تقع تحوّلات عديدة تركت أثرها البالغ في مسار حيواتهم التي تشتّت في المكان والذاكرة.
حتى الرابع عشر من الشهر الجاري، يتواصل في "وكالة بهنا" بالإسكندرية ملتقى "أبعد من الحدود" الذي افتتح عند الثامنة من مساء أمس الثلاثاء، ويضمّ عروض أفلام استعادية لسلهب، إلى جانب لقاءات مع ضيوف الملتقى، ومجموعة من ورش العمل المغلقة للمشاركين.
ويشير بيان المنظمين إلى أن مُجمل الفعاليات تسعى إلى "خلق مساحة للتفاعل مع أشكال وتواريخ متعددة من إنتاجات الصور، وخلق مداخلات معها، والتفكير فيها بشكل نقدي". هدفٌ يتأتى في ظلّ "سيادة وسائط إنتاج الصور على أكثر أدوات المعرفة اليوم، وسيطرة الصور ذاتها على مناحي وتفاصيل حياتنا وأدائنا وتعبيرنا، حيث صار من الصعب في ظل تلك التتابعات الغامرة من إنتاجات الصور - ما بين صور الديجيتال والخام والصور الأرشيفية والصور المخلقة رقمياً - التفكير في حدود فاصلة ما بين الأشكال المختلفة لإنتاجات الصور، سواءً في الفيلم الروائي والتسجيلي، الفيلم التجريبي أو الفيديو الفني على سبيل المثال، أو في اعتبار نوع محدد من الصور كإشارة لقيمة أو لوسيط إنتاجي بعينه".
عُرض في يوم الافتتاح فيلم "الرجل الأخير" (2006)، بينما يُعرض عند السابعة من مساء اليوم فيلم "سلهب" (1958)؛ الذي يحيل عنوانه إلى سنة ميلاد المخرج، حيث يبدأ حين تضع امرأة ابنها البكر في السنغال، في الوقت الذي يرزح فيه لبنان تحت صراع داخلي بأبعاد إقليمية ودولية، ويعدّ نذيراً لحرب أهلية مقبلة ستقع بعد نحو سبعة عشر عاماً.
كما يُعرض خلال الأيام المقبلة فيلم "الوادي" (2014) الذي يتناول قصة رجل يفقد ذاكرته نتيجة حادث سير ويكمل حياته في مزرعة تسكنها عصابة لتجارة المخدرات؛ وكذلك فيلم "وردة" (2019) الذي يعود إلى رسائل روزا لوكسمبورغ التي تعبّر عن خيبتها من الحرب وفشل الثورة الشيوعية في ألمانيا، وهي تقترب من خيبات اليسار اللبناني والعربي، وفيلم "النهر" (2021) حول رجل وامرأة يُفاجَآ بأصوات طائرات حربية ويشعران كأنّ الحرب مندلعة مرّة أخرى.
يشارك في الملتقى المخرجة آلاء منصور والكاتب والموسيقي رامي صباغ من لبنان، وأستاذة الأدب الفرنسي والباحثة إنصاف ماشطة من تونس، إلى جانب غسان سلهب.