ينتمي فؤاد بلامين إلى الجيل الثالث من الفنانين الشتكيليين في المغرب، الذي أتى بعد روّاد الفن الفطري بتجاربهم المقدّمة زمن الاستعمارين الفرنسي والإسباني وفي صدارتهم محمد بن علي الرباط والشعيبية طلال، والجيل الثاني الذي تخرّج من أكاديميات الرسم ومنهم فريد بلكاهية ومحمد شبعة ومحمد المليحي.
ولد الفنان التشكيلي المغربي في مدينة فاس عام 1950، ودرس في "مدرسة الفنون التطبيقية" بالدار البيضاء وأقام معرضه الأول في "رواق لاديكوفيرت بالرباط عام 1972، ثم تابع دارساته في جامعة السوروبن حيث نال شهادة الدراسات التطبيقية في التاريخ ونظرية الفن، وعاد إلى المغرب عام 1990، حيث زاوج بين التدريس وممارسة الفن.
"فاتحة الإبداع" عنوان معرضه الاستعادي الذي افتتح في "متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر" بالعاصمة المغربية في العشرين من الشهر الجاري، ويتواصل حتى العشرين من نيسان/ إبريل المقبل، ويضمّ حوالي مئة عمل تمثّل مراحل تجربته الممتدّة خمسة عقود.
يتوزّع المعرض على ستة أقسام كرونولوجية، إذ "يبتدئ ببواكير أعماله، التي قدّمها خلال سبعينيات القرن الماضي، والتي تميزت بانتمائها إلى المرحلة التقليلية وأشكالها الصغيرة والمتوسطة وأيضاً بحركية صامتة، كما سيتمّ الإضاءة على الفترة الباريسية، والتي تميزت بإقامته لعبة جدلية بين الحركية وبين الفضاء المؤسس لعمله"، بحسب بيان المنظّمين.
كما سيطلع زوّار المعرض على "لحظات تعبيرية في إبداعات بلامين يهيمن عليها الصمت، إلى جانب مرحلة اهتم فيها بتركيب بصري وصوتي في فضاء يجسد بأحجام الكون التشكيلي للرسام، الذي تغذيه ذاكرة الطفولة في متاهة شوارع فاس"، وفق البيان ذاته.
وشكّلت مدينة فاس بزخمها التاريخي وحمولاتها الرمزية حضوراً لافتاً في مرحلة مبكرة من مشوار الفنان، حيث كان المكان بعلاماته الأثرية وتكوينه المرتبط بالفنون والزخرفة والخطوط التي تعكس ذاكرة فنية مغربية متأصلة في قدمها وفي تأثيرها الذي انعكس في العديد من التجارب التشكيلية.
تحضر هذه الأعمال المنتقاة للمرة الأولى في معرض يقدّم صورة شاملة ومحيطة عن بلامين الذي لم تستعد تجربته سابقاً، إذ تمّت استعارة المختارات من مقتنين ومتاحف دولية لتعاد بعد اختتام المعرض الذي يكشف تناوب الفردي والجماعي في خيارات الفنان وتركيزه على البعد الزمني لمواضيع لوحاته.
يُذكر أن منشورات "ملتقى الطرق" ستصدر مصنفاً (كتالوغ) في 320 صفحة يتضمن بالإضافة إلى الرسوم التوضيحية، مَقالات للكاتب فؤاد العروي والناقد الفني هينري فرانسوا ديبايلوكس، ونصا غير منشور للصحافي والناقد الفني جيل دي بوري، ومقابلة مع الكاتبة لطيفة السرغيني.