"قاهرة المماليك" لرضوى زكي.. عمران أبعد من حقبته السياسية

04 فبراير 2023
مسجد السلطان المملوكي الأشرف قايتباي والذي يعود بناؤه إلى القرن الخامس عشر (Getty)
+ الخط -

رغم إعلان نهاية حكم المماليك لمصر سياسياً مرّتين في التاريخ، الأولى مع دخول جيوش السلطان العثماني سليم الأول إلى القاهرة عام 1517، والثانية مع اعتلاء محمد علي باشا سدّة الحكم فعلياً في البلاد عام 1805، إلّا أنّ نمط العمارة المملوكي، والذي يشكّل قلب القاهرة التاريخية، ظلّ قائماً إلى يومنا هذا، وما زال يُعدّ بخصائصه المميزة الإطارَ الأساسي لأي بحثٍ تاريخي في عمارة المدينة.

"قاهرة المماليك: من العمائر الإسلامية إلى البحث عن هوية وطنية مصرية" عنوان الكتاب الصادر حديثاً عن دار "نهضة مصر"، للباحثة رضوى زكي. وفيه تنطلق من إطار عام يفيد بأن العمائر المملوكية استطاعت أن تُرسّم نمطاً عمرانياً جديداً في المدينة، وبقدر ما انتعش هذا النمط في فترة الحُكم الفعلي للمماليك (1250 - 1517)، تمكّن في الوقت نفسه من اختراق المراحل السياسية اللاحقة، التي لم تتمكّن من تحييده، بل على العكس بنَت عليه واعتمدته.

ينقسم الكتاب إلى أحد عشر فصلاً، تفسّر كيف تنامت القباب والمآذن في سماء القاهرة، في حين راحت تنتشر الخانات والقصور والأسواق والمدارس، الأمر الذي يؤكّد أن المماليك أَولَوا هذا الفن عنايةً خاصة منهم، وحاولوا الابتكار والتجديد فيه.

قاهرة المماليك - القسم الثقافي

ويضيء الكتاب علاقة العمارة بالهوية من جهة، والصراع السياسي من جهة أُخرى، حيث تشير زكي إلى عودة الطرُز المملوكية في القرن التاسع عشر، واعتمادها في مشاريع وُصفت بأنها نهضوية، سواء في مطلع ذلك القرن على يد محمد علي باشا، أو في أواسطه مع الخديوي إسماعيل الذي سعى إلى تحويل القاهرة إلى "باريس الشرق"، موضحة أن ذلك يرجع إلى دور بعض المهندسين الأجانب الذين فُتنوا بالعمارة المملوكية، ولكن في الوقت نفسه حاولوا أن يجعلوا منها الضدّ المقابل للطراز العثماني.

كما تُدلّل الباحثة على أنّ الموقف من النمط المملوكي لم يكن واحداً عن المثقفين والحداثويين في الحقبة المعاصرة، بين مَن نعتها بأنها عمارة تقليدية ولا تلبّي شرط الحياة المدينية الحديثة، وآخرين رأوا فيها عنوان هوية وأصالة لا يمكنُ تجاوُزها. 

يُشار إلى أن الكتاب جزء من مشروع رضوى زكي في البحث المعماري، إذ سبق لها أن أصدرت مؤلّفات أُخرى في هذا السياق، منها: "إحياء علوم الإسكندرية: من اليونانية إلى العربية" (2017)، و"إرث الحَجَر: سيرة الآثار المنقولة في عمارة القاهرة الإسلامية" (2019)، و"مصريات عربية: حكايات وملامح من تراث مصر العربية" (2020).

المساهمون