كاتب من العالم: مع براجوال باراجولي

14 ابريل 2021
(براجوال باراجولي ـ القسم الثقافي)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع كاتب من العالم في أسئلة حول مشاغله وما يود مشاطرته مع قرّائه. "هل جَعَلَنا هذا الوباءُ أكثرَ تعاطُفاً؟ لا أظنُّ ذلك. أعتقد أنّنا أصبحنا أكثرَ أنانيّةً مما كُنّا عليهِ من قبل"، يقول الكاتب الهندي في لقائه مع "العربي الجديد".


■ كيف تقدّم المشهد الأدبي في بلدك لقارئ لا يعرفه؟

- المشهدُ الأدبي في الهند مشهدٌ غنيٌّ ونابضٌ بالحياة، ما زال ينمو يوماً بعد يوم، وذلك بفضلِ انتشارِ المهرجانات الأدبية في المنطقة. لذلك فإنّ كلَّ الشروطِ ملائمةٌ اليوم لأن تكون كاتباً في الهند. لكنّ تكميم الأفواه ما زال قائماً على قدم وساق، إذ تتّخِذُ الحكومة إجراءاتٍ صارمة ضدَّ الصحافيين الذين يتحدّثون عن الأوضاع من دون مواربة. 


■ كيف تقدّم عملك لقارئ جديد، وبأيّ كتاب لك تنصحه أن يبدأ؟

- أرى أنّ روايتي "الأرض التي فررت إليها" (صدرت ترجمتها بالفرنسية تحت عنوان Fuir et revenir "الهرب والعودة") هي الكتاب المناسب لتبدأ به. الرواية عبارة عن حكاية عائلية مثيرة يجتمع فيها الأشقّاء المنتشرون في أصقاع العالم في مسقط رأسي في جبال الهيمالايا بمناسبة عيد ميلاد جدّتهم الرابع والثمانين، وتتوالى الأحداث. لقد قرّرتُ في هذه الرواية أن أدمجَ كلّ المُحرّمات الخاصة بجنوب آسيا والتي تتنوع بين الطبقة الدينية، والطبقة الاجتماعية، والنوع الاجتماعي، والجنس، وذهبتُ في هذه القضايا حتّى النهاية.


■ ما السؤال الذي يشغلك هذه الأيام؟

- يشغلُني فيروس كورونا بالطبع. هل جَعَلَنا هذا الوباءُ أكثرَ تعاطُفاً؟ لا أظنُّ ذلك. أعتقد أنّنا أصبحنا أكثرَ أنانيّةً مما كُنّا عليهِ من قبل. هل كُتِبَ علينا أن نعيش دائماً في عالمٍ يكونُ فيه الناسُ "مُختلفينَ وغُرباء"؟

أفكّر وأكتب بالإنكليزية، لكنّني أُصلّي باللغة النيبالية

■ ما أكثر ما تحبّه في الثقافة التي تنتمي إليها وما هو أكثر ما تتمنى تغييره فيها؟

- أنتمي إلى التراث النيبالي. يعجبني أنّنا شعبٌ بسيطٌ وغير معقّد. الطعام النيبالي مذهلٌ، فهو لا يحتوي على كثير من الدهون التي تجدُها في مطبخِ شمال الهند. أحبّ اللغة وأحب جرسَها وصوتَها الجميل. وأعشق ثراءَها وغِناها بالمحاكاة الصوتية. أرغبُ أن تتخَلّصَ ثقافتي من التمييز الطبقي المُرَوِّع.


■ لو قيض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟

- أبدأُ من جديد؟ لا أدري. لقد ذهبتُ في السابعة عشرة من عمري للدراسة في أميركا، وكانت نظرتي للعالم  ــ لسنواتٍ طويلةٍ ــ قاصرةً على الطريقة الأميركية. أشعرُ بامتنانٍ شديدٍ لتجربتي في الغربِ الأوسط، ذلك الجزء من الولايات المتحدة الذي لم أكنْ قد تعرّفتُ إليه من قبل، ولو أنّني لم ألتحِق بالدراسة هناك لأنّه قد توجّبَ عليّ لاحقاً السفر إلى أوروبا.


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟

- أريدُ أن أُورِّثَ أطفالي عالماً بلا تأشيرة. أعلمُ أنّ هذا الأمر لا يتمتُّع بنفسِ أهميةِ المجاعة وسوءِ التغذية وقصفِ المدن، لكنّني أُحُبُّ أن نرمي فكرةَ التأشيراتِ خلفَ ظُهورنا.


■ ما هو، في اعتقادك، أكبر خطر على حرية الكاتب والكتابة في العالم اليوم؟

- الحكوماتُ في جميعِ أنحاء العالم التي تتّخِذُ إجراءاتٍ صارمة ضد الكتّاب، وهذه مشكلةٌ كبيرةٌ حقاً. 

براجوال باراجولي ـ القسم الثقافي

■ ما هي قضيتك وهل يمكن أن تكون الكتابة قضية بذاتها؟

- أكتبُ لغرضٍ أساسيٍّ وهو سردُ حكايةٍ وحسب، ولا شيءَ غير ذلك. إذا تمكَّنَتْ كُتُبي من تحقيقِ ذلك فسأكون في قمة السعادة. 


■ الأدب العالمي يكتبه المترجمون، إلى أيّ درجة توافق على هذه المقولة، وإلى أيّ درجة كتبك المترجمون؟

- المترجمونُ يجعلونَ العالمَ يستمرّ. نحتاج لا ريبَ إلى الترجماتِ لفَهمِ العالمِ على نحوٍ أفضل.


■ كيف تصف علاقتك مع اللغة التي تكتب فيها؟

- أُفكِّرُ وأكتُبُ بالإنكليزية، لكنّني أُصلّي باللغة النيبالية.


■ كاتب منسيّ من لغتك تودّ أن يقرأه العالم؟ 

- الكاتب النيبالي الذي أتمنّى أن يقرأه العالم بأسرِهِ هو بير بيكرام غورونغ. هذا الكاتب غير معروف جيداً للأسف، حتى بين القُرّاء النيباليين، مع أنّه كَتَبَ قِصصاً رائعة.


■ لو بقي إنتاجك بعد 1000 سنة، كيف تحبّ أن تكون صورتك عند قرّائك؟

- لم أُفكّر في ذلك أبداً. لكن، يُسعدُني أنَّ كُتبي ما زالت تُطبعُ وتُقرأُ حتى اليوم.


■ كلمة صغيرة شخصية لقارئ عربي يقرأ أعمالك اليوم؟

- أحبُّ أن يستمتِعَ قُرّائي العرب بقراءة الكتاب بقدر ما استمتعتُ بكتابَتِه. عندما نقرأ عن لمِّ شملِ عائلة من جميع أنحاء العالم ندركُ حقاً أنّ الرغبة في أن تكون مقبولاً ومحبوباً شأنٌ كونيّ يخص جميع البشر، بغض النظر عن مدى تشابُهِ ثقافَتِنا أو بُعدِها عن ثقافة العائلة في الكتاب.


بطاقة

ولد براجوال باراجولي (Prajwal Parajuly) عام 1984 لأب هندي وأم نيبالية. رُشّحت مجموعته القصصية الأولى، "ابنة جورخا" (2012)، لـ"جائزة ديلان توماس" في المملكة المتحدة، ووصلت القائمة الطويلة لـ"جائزة القصة القصيرة" في الولايات المتحدة. وصَلَت ترجمة روايته الأولى، "الأرض التي فررتُ إليها" (2013)، التي صدرت بالفرنسية العام الماضي، إلى نهائيات جائزتي "الرواية الأولى" و"جائزة إميل غيميه" في فرنسا لعام 2020. يُدرِّس الكتابة الإبداعية في معهد العلوم السياسية في باريس.

وقفات
التحديثات الحية
المساهمون