في الأوراق غير المنشورة التي جمعها ونشرها راينز ستاتش، كاتب سيرة فرانز كافكا، تظهر العديد من الأجزاء غير المعنونة، والبدايات الخاطئة، والنصوص غير المكتملة التي تتراوح من بضعة أسطر إلى صفحتين، والتي لم تترجم عن الألمانية إلى لغة أخرى.
لم تكن هذه الأوراق مفقودة، ولم تُفقد لاحقاً، بل كانت على مرأى من الجميع، وقد صدرت حديثاً النسخة الإنكليزية منها عن منشورات "نيو درايركشنز" بترجمة الشاعر مايكل هوفمان تحت عنوان "الكتابات المفقودة لفرانز كافكا".
يشير الناشر إلى أنه عند إصدار ثلاثة مجلّدات من السيرة الذاتية للروائي التشيكي (1883 – 1924) لستاتش، تم الالتفات إلى أن هناك نصوصاً تضمّنتها السيرة ولم تنشر باللغة الإنكليزية من قبل، ليكتشف أن هناك الكثير لم يترجم ولم يتمكن جمهور أوسع من الاطلاع عليها.
ويوضّح أن هذه الكتابات تبدو كقصائد تضمّ ألغازاً ميتافيزيقية مكثقة تخرج من الأعماق، وهي تتستم بالجمال والجودة في لغتها المختزلة والمعبّرة في آن، وقد كُتبت في السنوات الأخيرة من حياة كافكا بدءاً من سنة 1917 وحتى عام رحيله.
أما المترجم، فيرى أن النصوص تعكس حالة مريبة أو ساخرة، بالنظر إلى أنها قصيرة جداً وفي بعض الحالات غير مكتملة أو مجزأة، ولا يمكن الجزم أنها كانت ستتحوّل إلى قصص، لكن الحماسة والود والذكاء التي ينطلق بها كافكا في هذه الأشياء أمر مذهل.
ويلفت إلى أن القراء سيجدون مثلاً عبارة "بالنسبة إلى صياد حقيقي لا تضيع سمكة أبداً"، وكذلك تأملات في أسطورة بروميثيوس والأعجوبة الثامنة في العالم، أو خرافات حول رغيف خبز لا يمكن تقطيعه، ووصف لمتجر من دون باب أمامي، ولعبة شطرنج غامضة، وبيضة تحتوي على طائر فاسد.
كما يتتبع كافكا في هذه الأوراق، بحسب المترجم، جملة من الكوابيس المرتبطة بصاحب رواية "المسخ"، إلى جانب تصريحات لاذعة حول الفناء مثل "أنت تتحدث إلى الأبد عن الموت، وليس الموت"، وجمل افتتاحية مثل "سُمح لي أن تطأ قدمي في حديقة غريبة" و"المدينة تشبه الشمس"، وغيرها من التعبيرات التي تجعل عنصر التشويق يتصاعد لدى القارئ، وهو يقرأ عوالم جديدة في تجربة كافكا لم يطلع عليها.