بعد أشهر من انتظار قرارٍ في صالحهم، أخفقت محاولات ناشطي الجمعية المدنية الفرنسية "أورجونس باترموان" في إقناع القضاة المختصّين بالإبقاء على مبنى كنيسة سان جوزيف في مدينة ليل (أقصى شمال فرنسا)، والذي جرى تشييده في 1886. وهو ما يعني أن سكّان المدينة قد ينهضون ذات صباح على أصوات الجرافات وهي تقوّض حجارة الكنيسة المعروفة.
ولكن في الوقت الذي يحاول فيه الناشطون أن يؤكّدوا على الطابع التراثي للمبنى، من جهة قِدمه وأيضاً لأنه أحد إنجازات مصمّم معماري بارز هو أوغست موركو (1823 - 1911)، فإنّ السلطات بدت غير منصتة لمثل هذا الخطاب الذي ينطوي على كثير من النزعة العاطفية، وهو ما يستغربه الكثير من المتابعين حيث أن الدولة، من خلال أجهزة مثل البلديّات والقضاء، تكون عادة ميّالة لإنقاذ التراث حتى أمام مصالح اقتصادية ذات منفعة عاجلة.
يعود قرار هدم الكنيسة إلى 2019، حيث عُدّت جزءاً من مساحة عمرانية تنوي المدينة إحلال مجمع تعليميّ فيها. ووقتها نجح المجتمع المدني بتجميد القرار من خلال إيصاله إلى أورقة المحكمة، وقد حاول نشطاء التراث، في الأثناء، أن يحصلوا على تصنيف للكنيسة كمعلم تاريخي من مصالح وزارة الثقافة الفرنسية، غير أن ذلك لم ينجح، فلم تشفع للمبنى أساليبُ زخرفته، وحجارتُه القديمة، ولا حتّى قيمتُه الدينيّة، كي يدخل قائمة المعالم التاريخية لمدينة ليل.
لا يبدو أن هذا القرار سيكون سبباً في استسلام النشطاء للمصير المأساوي للكنيسة، حيث من المتوقّع أن يحوّلوا ما يدور في مدينة ليل من موضوع محلي إلى قضيّة رأي عام، وهو ما بدأته الصحافة الثقافية الفرنسية فعليّاً اليوم، إذ لا يكاد يخلو مقال من استغراب أو استهجان من القرار القضائي بهدم الكنيسة.
كما أن رئيسة جمعية "أورجونس باترموان"، أليكسندرا سوبزاك، قد أشارت إلى نقطة أخرى قد تتيح إنقاد المبنى من الهدم وتتمثّل في كون الرئيس إيمانويل ماكرون لديه صلاحية إبطال القرار القضائي، وبالتالي فإن الجمعية أعلنت نيّتها مراسلة الرئيس في سبيل إنقاذ الكنيسة.