ترك "الفيتو" الأميركي الأخير في "مجلس الأمن"، ضدّ وقف إطلاق النار في غزة، البابَ مُشرعاً للاحتلال الإسرائيلي ليستكمل الإبادة الجماعية بحقّ الشعب الفلسطيني، التي ما تزال مُستمرّة منذ أكثر من شهرين، وقد فاق عدد شُهدائها 17 ألف شهيداً، و46 ألف جريحاً، فضلاً عن آلاف المفقودين، والدمار الهائل الذي خلّفته آلة القتل الصهيونية.
أمام حالة التوحّش الدولية هذه، تنادى ناشطون من جميع أنحاء العالَم، ليُعلنوا، اليوم الاثنين، إضراباً عالميّاً مُوحّداً من أجل غزة، ويشمل المرافق الحياتية والقطاعات الإنتاجية كافة، كشكل من أشكال الضغط على الحكومات الغربية لاتّخاذ خطوات جدّية لا تلتزم فيها بالسردية الصهيونية المُضلِّلة حول العدوان.
وسرعانَ ما وجد هذا التحرّك مَن تجاوب معه في لبنان، ودعا إلى الالتزام به، خاصةً مع ارتفاع وتيرة العدوان الإسرائيلي على الجنوب اللبناني أيضاً، والقصف الذي طاول أحياء مَدنيّة في القرى والبلدات القريبة من الحُدود مع فلسطين المحتلّة. كما شمل هذا الالتزام الجِهات الرسمية وغير الرسمية في البلاد، حيث أُعلن عنه من خلال قرار صادر عن رئاسة مجلس الوزراء.
وبطبيعة الحال، أعلنَت مؤسّسات ومراكز ثقافية لبنانية انخراطها في الإضراب، وإلغاء الفعاليات والأنشطة التي كانت مُقرّرة لهذا اليوم، وقد شملت المسرح والسينما والفنون التشكيلية ومراكز الأبحاث والدراسات، والجمعيّات الأهلية - الثقافية، ومن المؤسسات المُلتزمة بالإضراب: "المجلس العربي للعلوم الاجتماعية"، و"مؤسسة فضاء لفنون المسرح العربي"، و"نادي لكلّ الناس"، و"غاليري كاف"، و"المورد الثقافي"، و"شبكة مدى الطلَّابية"، و"غاليري برّاق نعماني"، و"مكتبة برزخ"، و"مُلتقى السفير"، و"استديو أشغال عامة"، و"مكتبة صنوبر بيروت".
كما شارك مسرحيّون وكتّاب وناشطون ثقافيون لبنانيون دعوات الإضراب، عبر حساباتهم على منصّات وسائل التواصل الاجتماعي، وأعربوا عن تضامنهم الكامل مع غزة، حيث "لا يُمكننا أن نعيش حياتنا بشكل طبيعي، ولا يُمكننا أن نتجاهل الأنظمة الاقتصادية التي تدعم وتُسلّح الاحتلال، يجب علينا أن نتوقّف للحظة، ونجعل العالم يلاحظ جرائم "إسرائيل"، عن طريق تعليق حياتنا اليومية"، كما جاء في نصّ نشرته "شبكة مدى".
يُذكر أنّ أغلبية الأنشطة الثقافية والفنّية، التي تشهدها بيروت والمدن اللبنانية الأُخرى، منذ شهرين تقريباً، إمّا تتعلّق مباشرة بدعم القضية الفلسطينية، أو تتمحور حول استلهام روح المقاومة، وإضاءة جوانب من تاريخ النضال الفلسطيني، إلى جانب الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات المُندّدة بالعدوان.