حاول المؤرخ الأردني عبد الكريم الغرايبة (1923 – 2014) خلال قرابة ستّة عقود من البحث أن يعيد قراءة محطّات بارزة في تاريخ المنطقة خارج المدونة الرسمية السائدة، من خلال العودة إلى الأرشيف والوثائق غير المنشورة أو من قراءته للإحصائيات والتفاصيل التي تخصّ حركة المجتمع والاقتصاد أكثر من اهتمامه بأخبار السلطة.
وبدأت تلك الرؤية تتشكّل لديه منذ دراسته التاريخ في "الجامعة الأميركية" ببيروت في الأربعينيات، والتي كان يدرسّ فيها آنذاك أساتذة من أمثال قسطنطين زريق ونبيه أمين فارس وأنيس المقدسي، فامتلك منذ تلك الفترة أُسساً وأدوات نقدية في إعادة تأويل الأحداث التاريخية.
تُنظّم كلية الآداب في "الجامعة الأردنية" بعمّان عند التاسعة والنصف من مساء بعد غدٍ الأربعاء، ندوةً عِلمية بمناسبة مرور مئة عام على ميلاد الغرايبة، يُشارك فيها عدد من الباحثين والأكاديميين بمداخلات متعدّدة حول سيرته مُدرّساً ومؤرّخاً وإدارياً.
امتلك المؤرّخ الأردني الراحل أُسساً وأدواتٍ نقدية في إعادة تأويل الأحداث التاريخية
يُضيء المشاركون تجربة الراحل الذي درس في "مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية" (سواس) بـ"جامعة لندن"، حيث نال منها درجة الدكتوراه عام 1950 عن أطروحته، حول الشركات الإنكليزية العاملة في الشام خلال القرن الثامن عشر التي كانت سائدة بعد تقلُّص أهمية النقابات في دمشق، مُعتمداً على الوثائق العثمانية ومراسلات التجّار المحفوظة في "المتحف البريطاني".
يُشارك في الندوة التي تتكوّن من جلستَين كلّ من: عدنان بدران، وعلي محافظة، وعبد الناصر أبو البصل، ومحمد عواد، وزيدان كفافي، ومحمد شاهين، وإبراهيم الشرعة، وعمر الفجاوي، ومحمد العمايرة، ومنار أحمد.
تقف المُداخلات عند محطّات أساسية، منها عمل الغرايبة في دائرة الآثار الأردنية، ثم انتقاله إلى "جامعة دمشق" التي درّس فيها حتى تأسّست "الجامعة الأردنية" في عام 1962، وفي كِلا الجامعتين بدأ أبحاثَه وإشرافه على دراسات طلبته التي تستند إلى وثائق غير مدروسة من قبل، وفي مقدّمتها سجلّات المحكمة الشرعية، لإعادة النظر في تاريخ بلاد الشام الحديث.
كما يستعرض المشاركون أهمّ مؤلفاته مثل "العرب والأتراك" (1960)، و"سورية في القرن التاسع عشر" (1971)، و"مقدّمة في تاريخ العرب الحديث" (1970)، و"تاريخ العرب الحديث" (1983)، و"عرب الماء والإنسان" (2006)، و"العرب وأميركا" (2009).