ماريا غيمان.. عن حلقة وصل بين هوسرل وفرويد

22 سبتمبر 2021
سيغموند فرويد (Getty)
+ الخط -

يعرف المطّلعون على مسيرة الفيلسوف النمساوي الألماني إدموند هوسرل (1859 - 1938)، وعلى ولادة الفينومينولوجيا كتيّار فلسفيّ كان هوسّرل عرّابه، أن الكتابات الأولى لصاحب "أبحاث منطقية" كانت تُحاور، بشكل أساسي، مفاهيم عِلم النفس السائدة في زمانه، ولا سيّما لدى معلّمه فرانز برنتانو (1838 - 1917).

في الفترة نفسها التي كان يواظب فيها هوسرل على حضور دروس برنتانو حول مفهوم القصديّة، وضرورة التأسيس لعلم نفسي وضعيّ صارم، كان من بين الحضور طالبٌ آخر سيترك، مثل هوسرل، أثراً كبيراً على المعرفة الفكرية وحتى العلمية بعدَه: سيغموند فرويد (1856 - 1939)، الذي كان، في ذلك الوقت (سبعينيات القرن التاسع عشر)، يدرس الطبّ ويزيد من معارفه في العلوم العصبية والنفسية.

في كتابها "هوسّرل وفرويد: إرثٌ مشترَك"، الصادر حديثاً لدى منشورات "كلاسيك غارنييه" في باريس، تعود الباحثة ماريا غيمان إلى تأثير برنتانو الذي كان حصيلةً مشتركة بين الفيلسوف الألماني والمحلل النفسي النمساوي، من دون أن تحصر هذا الإرث في شخص برنتانو وتجربته وحدهما، حيث تفتح النقاش على تأثيرات لأسماء علماء ومفكّرين آخرين مثل الألمانيين فيلهلم فوندت (1832 - 1920) وتيودور ليبس (1851 - 1914).

غلاف

تُحاجج المؤلّفة بأن ما يشترك فيه كلٌّ من هوسرل والفينومينولوجيا التي جاء بها، وفرويد والتحليل النفسي الذي جاء، رغم اختلافهما على المستوى الفكري في السنوات اللاحقة، هو أن منبعهما واحد: علم النفس الفلسفي، الذي كان مزدهراً في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ولا سيما في البلدان الناطقة بالألمانية.

في سبعة فصول تسبقها مقدّمة وتليها خاتمة، تعود غيمان إلى هذه الجذور التي تفرّع عنها الحقلان، مُحاولة قراءة تطوّرهما على ضوء المقولة الأولى التي شغلت أغلب المدافعين عن علم النفس الفلسفي: التأسيس لفلسفةٍ عِلمية تقوم على الملاحظة والتجريب - وهو ما شكّل الطموح الذي ميّز كلّاً من الفينومينولوجيا بوصفها فلسفة تصف معطيات الوعي، والتحليل النفسي بوصفه خطاباً فكرياً وعلاجياً يستمدّ مادّته من ملاحظة ما يقوله المحلَّل لهم.

المساهمون