"ما الذي يحدث داخل المدرسة؟".. التعليم في سياقه الاجتماعي

27 مارس 2023
تلميذات في إحدى مدارس غزة (Getty)
+ الخط -

كثيرة هي المقولات التربوية التي تُدلّل على الفوارق المُختلِفة التي يعاينُها المُعلّم داخل الغرَف الصفّية، وإدارة هذه الفوارق وحُسن التعامل معها لا يقتصران على مدّة وجود المُعلّم أمام تلاميذه، بل يُمكنُ أن يمتدّان أيضاً أبعد من ذلك، ليكون تأثير ذلك جزءاً من الأُطر الاجتماعية العامة المُحيطة بالمتعلِّم.

"ما الذي يحدث داخل المدرسة؟: مواقف وحالات توفّر بيئة صفية آمنة" عنوان الكتاب الصادر حديثاً عن "ترشيد التربوية"، للباحث الأردني محمد تيسير الزعبي. يوثّقُ الكتاب تجارب دعم المُعلّمين الفنّي في غُرفهم الصفّية، وواقعهم اليومي على حدّ سواء. ويأتي توثيق هذه الحالات إيماناً بأنّ أثر المُعلّمين لا يتوقّف داخل جدران الغُرف الصفّية، بل يمتدّ ليشمل المجتمع الذي يكونون فيه، ويتعاملون معه، ويعيشون بين أفراده.

ويرى المؤلِّف أنّ هذه الحالات تكتسب أهمّية إضافية؛ لكونها تُترجِم مسيرةً طويلة اشتغلَ عليها بين الورش التدريبية، والزيارات الداعمة، والمناقشات البنّاءة. كما أنّ الدافع وراء إصدار هذا الكتاب، وفقاً للباحث، يتمثّل في الساعات الطويلة من الحوارات وعَقد اجتماعات التعلّم في المدارس وقاعات التدريب، وهذه تجربة تستحقّ أن تُدوَّن، وتصبح مجالاً آخر يطوّر فيه المعلّمات والمعلّمون مهاراتهم، خاصّة أن هذه الحالات الواقعيّة التي يرصدها العمل، تُراوح بين الجوانب الأكاديميّة والسلوكيّة داخل الغرفة الصفّيّة، إضافة إلى أنها تربط الممارسات التدريسيّة الواردة فيها بأدبٍ تربوي نحتاجه في البحث عن الحُلول التي تسهّل عمَل المعلّمات والمعلّمين في الصفوف والبيئة المدرسية بشكل عام.

ما الذي يحدث داخل المدرسة - القسم الثقافي

يستمدُّ الكتاب حالاته من الواقع اليوميّ للمُعلّمات والمعلّمين، ويوضّح حاجات كثير منهم، كما يتطرّق إلى تحدّيات تكاد تكون مشتركة بينهم، ذلك أن الهموم التي تؤرّق بال المسؤولين في النُّظم التعليمية تحتاج في أحد جوانب حلّها إلى التفاعل مع تجارب نُظم أُخرى، وتبادل الخبرات معها، والاطّلاع على الحلول الإجرائيّة التي يمكن أن تجعل بيئة التعلّم أكثر أمناً وجاذبيّة.

التحدّيات الواردة في هذا الكتاب تكاد تكون متشابهة بين الغُرف الصفّية على مستوى العالَم؛ إذ لا تكاد تخلو غرفة صفّيّة من فروقات المتعلّمين الفرديّة، أو قلقهم وارتباكهم، أو رغبة المعلّم في تقليل وقته من الحصّة، وزيادته للمتعلّمين. لذلك فإنّ تأمّلاً عميقاً لهذه الحالات سيسهّل على المعلّمين والمعلّمات في منطقتنا العربية إدارة غرفهم الصفّية بطرائق سهلة؛ فهذه التحدّيات بارزةٌ في منطقتنا، والحاجة إلى مساعدة المعلّمين على التّعامل معها أكبر وأكثر إلحاحاً.

يقع الكِتاب في 192 صفحة من القطع المتوسّط، وينقسم إلى 18 حالة تعكس أهمّيّة تعليم المعلّمين ونقل المعرفة إليهم بوساطة أسلوب لهُ مكانة مهمّة في الأدب التربويّ، لمساعدته المتلقّي على صقل مهاراته اللازمة عبر تأمّل المشكلات التي واجهت غيره، والخروج منها بحلٍّ يُلائم البيئة التي يعمل فيها.

يُذكر أن "إصدارات ترشيد التربويّة" برنامجٌ يهدف إلى نشر كتب متخصّصة في الحقل التربويّ العربيّ، وهو أحد برامج "ترشيد" التي أُنشئت من قِبَل "المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات" في الدوحة.

كتب
التحديثات الحية
المساهمون