برزَ اسم الفنان التشكيلي المصري محمد عباس في الثمانينيات عبر تقديمه مشاهد من القاهرة الفاطمية مثل مسجد السلطان قلاوون، وباب زويلة (بوابة المتولي)، والعديد من الأحياء الشعبية ومناظر المراكب الشراعية في نهر النيل، عبر استخدامه الطباعة على مادّة الزنك.
تنوّعت توجّهاته الفنّية وتجريبه في الموادّ والوسائط بعد تلك الفترة، كما واصَل دراساته العليا حيث نال درجة الماجستير من "جامعة حلوان" سنة 1992، عن رسالة بعنوان "دراسة تحليلية للطبيعة الصامتة في فنّ الغرافيك من الباروك حتى العصر الحديث"، ثم درجة الدكتوراة التي نالها من "جامعة القاهرة" عام 2001، عن أطروحته "البيئة المصرية وأثرها: إبداعات فناني الغرافيك المعاصرين".
يُفتتح عند السابعة من مساء غدٍ الثلاثاء المعرض الاستعادي لمحمد عباس تحت عنوان "حنين: أربعون عاماً من الفنّ 1983 - 2023" في "قاعة الباب سليم" بـ"متحف الفنّ المصري الحديث" في القاهرة، والذي يتواصل حتى الثاني عشر من الشهر المقبل.
تعكس الأعمال المعروضة نزعة الاختزال والابتعاد عن التفاصيل التي استفادها الفنان من دراسته الأكاديمية للغرافيك، كما تظهر في لوحاتٍ تتضمّن الأسماك وعناصر من الحياة البحرية في أعماق البحار، وهي امتداد لأسلوبه في رسم الطبيعة الصامتة بعد تخرّجه في الثمانينيات.
يُضيء المعرض على مناطق متنوّعة في تجربة عباس، بدءاً من لوحاته التي تتناول الورود فقط، وتأخذ طابعاً صوفياً في توزُّع الكُتل ومساحات الظلّ والنور، من خلال استخدامه للألوان المائية على الورق والتوال، بالإضافة إلى أعمال نفّذها بتنقيات الحفر بالأبيض والأسود لمشاهد تُمثّل الريف، والبيئة الشعبية، والعوامات المُندثرة في قلب النيل.
كما تُشكّل عمارة القاهرة الإسلامية الفضاء الأول الذي قاربه عباس في أعمال الطباعة، التي وظّف فيها تقنيات الحفر على الزنك، والحفر الغائر، قبل الانتقال إلى الطبيعة الصامتة والبورتريه في رسومات بالألوان المائية وكذلك أعمال الحفر الغائر.
وخلال الأربعين عاماً الماضية، زاوج عباس بين التدريس الأكاديمي في عدد من الجامعات المصرية والأردنية، كما قدّم تجارب مختلفة في الجداريات التي تُجسِّد ملامح القدس وعمّان وتصميم الأغلفة وكذلك الرسوم التوضيحية.