"مسرح الموقاي في دارفور"، عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً للناقد والباحث السوداني جبريل عبد الله عن "مركز عايدابي لفنون المسرح"، ضمن إصداراته التي تضيء نشأة المسرح في السودان وتطوّره، ويمكن تصفّح العديد منها في نُسَخ رقمية على موقعه الإلكتروني.
يستند الكتاب إلى أطروحة قدّمها المؤلّف لنيل درجة الماجستير في الدراسات النقدية بعلوم المسرح من "جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا" عام 2014، والتي تناول فيها ظاهرة المسرحية الشعبية في منطقة دارفور بغرب السودان، وشملت ضروباً متنوّعة من الشعر والغناء والاستعراض الراقص، والتي وظّفت عناصر تراثية، أهمها المُنادي الذي سيقوم بدور الراوي والبهلوان والممثل في أشكال مختلفة، وهي شخصية موجودة في مختلف مناطق السودان، حيث يملأ المنادي القبيلة بالحكايات والنوادر والقصص والأوامر السلطانية والأخبار، ويفضح قبيلته برواية أخبار مضرّة ومخجلة أحياناً.
يتناول الكتاب ظاهرة مسرحية شعبية في غرب السودان شملت الشعر والغناء والرقص
يضيء عبد الله دور الموقاي وعلاقة هذا الشكل الفني بالواقع الاجتماعي سواء كان فردیاً او جماعیاً باعتبار أن هذه الأدائیة المسرحیة والدرامیة شكّلت إحدى المرتكزات المعرفیة التي یستقي منها الموقاي الشعبي ممارسته الأدائیة، كما يركّز على فن مسرحي ينحصر في منطقة جغرافیة، لتعكس نموذجا للاختلاف الثقافي في السودان القائم على تنوع لهجاته ولغاته وغیرها من الممارسات.
ويبرز المؤلّف المكوّنات المحلیة كمصادر معرفیة للمسرح والدراما السودانیة في المستقبل لثرائها بما تحمله من العناصر الأدائیة من النص المؤلف، والإكسسوارات والدیكور وغيرها من مستلزمات المسرح والدراما. وسعت الدراسة في تحلیلها إلى الكشف عن الربط بین الشعر والغناء والرقص والعناصر البشریة والمادیة وذلك في سعیها لتوطین التوظیف الثقافي المحلي السوداني، باعتبار أنه جزء من الكینونة السودانیة والإنسانیة التي حینما تدرس یمكن رصدها وتحلیلها وتوظیفها لتكون في المستقبل هي المصدر الأول لنا في إنتاجنا الفني المسرحي والدرامي.
ينقسم الكتاب إلى أربعة فصول؛ الأول بعنوان "عناصر المسرح والدراما"، ويتضمّن تعريفاً بنشأة المسرح وعناصره الدرامية في سياق تشكّله كظاهرة، بينما يدرس الفصل الثاني "المسرح في دارفور"، واقع الحركة المسرحية في المنطقة حيث تأسّس أول مسرح فيها مع افتتاح مدرسة الفاشر عام 1916، وتمّ تقديم أول مسرحية بعنوان "نكبة البرامكة" عام 1927، من أداء وتمثيل طلبة المدرسة، وصولاً إلى الستينيات حيث أنشئ مسرح القوات المسلحة في مدينة نيالا والذي يعرف اليوم بالمدينة باسم "مسرح الميرم تاجة"، وتبعه إنشاء "مسرح نيالا البحير" ومسرح آخر في مدينة الجنينة.
أما الفصل الثالث "ظاهرة مسرح الموقاي في دارفور"، فيتطرق إلى وصف الظاهرة وممارستها وعناصر المسرح والدراما فيها، ويقدّم الفصل الرابع "ظاهرة الموقاي في اقترابها من المسرح الشعري والغنائي والاستعراضي" العناصر الأساسية في تبلور هذه الظاهرة كفرجة مسرحية.