كانت تعمل في مجال النشاط الإنساني الافتراضي، وقد عنونت صفحتها على فيسبوك "خبايا عالم افتراضي". تستقبل فيه، على الخاص، كل الحالات المعنية بمشاكل نفسية، والتي تحتاج إلى البوح والفضفضة، وتقديم الحلول.. وإذا تعذّرت الحلول، تعمل على المواساة والمحاباة والدعوة بالصبر والثقة بالله ورحمته.
اتصلت بها إحداهنّ تليفونيًا، من مركز ناصر (محافظة بني سويف)، ترجوها أن تساعدها في تنفيد رغبة طفل من قرية مجاورة لهم مريض بالسرطان.
أعلمتها أن أمّه أمية وتجهل كل عوالم النت بما فيه الشبكة الزرقاء. قالت بأن الطفل يبكي راجيًا رؤية الممثل المسرحي المشهور أشرف عبد الباقي عن قرب، أثناء العرض المسرحي حيًّا نابضًا دون المشاهدة التليفزيونية، لأنه يعشقه وجميع فرقة "مسرح مصر"، بل إنه يريد أن يقترب منه ويحتضنه ويقبّله.
قالت المتحدّثة لصاحبة الصفحة إنها تستطيع ذلك من خلال نشاطها الاجتماعي الافتراضي، وعلاقاتها مع أصدقائها الصحافيين الممتلئة بهم قائمة أصدقائها وصديقاتها. وقالت أيضاً إنها مستعدة بالتكفل الكامل بهذه الرحلة الفنية من أجل هذا الطفل الذي لم يكمل العاشرة، ويعاني من المرض الخبيث.
كانت صاحبة الصفحة الافتراضية الإنسانية تحدّثها من مكبّر الصوت في جهازها التلفوني في المطبخ أثناء الطهي، واستمرت المحادثة لأكثر من ثلث ساعة وسط أبخرة الطعام والأوعية والأواني، إلى أن جاءت الإشارة التليفونية بنهاية الشحن، وأصابهما وجوم حاد. فجأة ذهبت صاحبة الصفحة إلى السرير تسترخي في صمت وتفكير عميق في هذا الطلب الجديد والغريب.
تساءلت لماذا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي وهم يطمحون ويحلمون ويسعون لتحقيق أمانيهم الخاصة والصغيرة داخل مسرح الحياة.. على الشاشة الزرقاء.
* كاتبة من مصر