منذ خمسينيات القرن الماضي، تراكمت العديد من الأدبيات والتصوّرات التي تُفكّك الروايات الغربية حول تاريخ القارة السمراء، القائم أساساً على تحيّزات مسبقة افترضت عزلتها عن العالم، وعدم قدرة شعوبها على تطوير أنظمة اجتماعية وسياسية لإدارة أنفسهم.
ويتزايد الاهتمام بماضي أفريقيا من قبل العديد من المنظّرين الأفارقة بالنظر إلى الإشكاليات الكبرى التي تصوغ حاضرها، ومنها مسألة الهوبة، وانزلاق الديمقراطيات إلى السلطوية، والعنف الذي يمارس على الطبقات المهمّشة، والهجرة المتزايدة إلى الغرب.
في هذا السياق، يُنظّم "المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون/ بيت الحكمة" في قرطاج بالقرب من تونس العاصمة، ابتداءً من التاسعة من صباح غدٍ الخميس، ندوة علمية تحت عنوان "مصادر التاريخ الأفريقي وإعادة التفكير في المناهج والتحديات والفرص"، تتواصل لثلاثة أيام بالتعاون مع "الاتحاد الأكاديمي الدولي".
يهدف المؤتمر إلى الجمع بين مختلف الأكاديميات والمؤسسات والباحثين المشاركين أو الراغبين في المشاركة في نشر المراجعات النقدية وترجمات مصادر التاريخ الأفريقي، ويأتي في إطار عمل "الخطوط التاريخية الأفريقية"؛ وهو مشروع نشر انطلق عام 1962 لتنظيم مصادر التاريخ في أفريقيا جنوب الصحراء.
تتضمّن الجلسة الافتتاحية مداخلتين؛ الأولى "كتابة تاريخ أفريقيا: أسئلة حول مصادر التاريخ الأفريقي" لـ سلفستر ترنوفيك، و"مخطوطات تمبكتو" لمحمد دياجايتي، وسيتم نشر نصوص المساهمة في عدد خاص من "مجلة الدراسات الآسيوية والأفريقية" التي يصدرها "معهد الدراسات الشرقية" التابع لـ"أكاديمية العلوم السلوفاكية".
وتُقدّم في اليوم الأول مجموعة أوراق منها: "مبادرة الدراسات الأفريقية في تونس: تحديات عدّة" لمنصف بن عبد الجليل، و"فرص إجراء البحوث في السياق الأفريقي" لرمزي بن عمارة، و"تونس وأفريقيا من خلال الأرشيفات التونسية" للهادي جلاب، و"نحو منهجية جديدة في دراسة تاريخ أفريقيا جنوب الصحراء في القديم والعصور الوسطر" للمنصف بكيل، و"المخطوطات القديمة لمالي: مصدر أصيل للتاريخ الأفريقي قبل الاستعمار" لبسارو توري.
ويشتمل اليوم الثاني على ورقة "تحديد المخطوطات العربية المحفوظة في مكتبات البلديات بفرنسا" لـ موريل رويلاند، و"بناء الهوية وإعادة التمثيل الرمزي" لـ ندي فاتي وين، و"تاريخ بانجان (موزمبيق): فهم مدينة سواحيلية قديمة من خلال مصادرها الخاصة" لـ جويل داس نيفيس تيمبي وشاباني موتيوا، بينما يخصّص اليوم الثالث لزيارة مواقع أثرية في تونس.