كشف المدير التنفيذي لـ "معجم الدوحة التاريخي للغة العربية"، عز الدين البوشيخي، أنَّ المرحلة الثانية من المعجم تمتد حتى العام 500 للهجرة، وبذلك يكون "معجم الدوحة" قد أرّخ عشرة قرون لكلمات اللغة العربية من القرن الخامس قبل الهجرة إلى القرن الخامس الهجري، لافتاً – في حديث إلى "وكالة الأنباء القطرية" (قنا) إلى أنه في الوقت ذاته يجري إعداد ببليوغرافيا المرحلة المفتوحة مع مدوّنتها النصية الممتدّة حتى العصر الراهن، تمهيداً لاستمرار تحرير مواد المعجم حتى إتمامه.
وحول أهمّ ما أُنجز من المعجم حتى الآن، قال البوشيخي إنًّ "المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسيات" أعلن عن مشروع المعجم في 25 أيار/ مايو 2013 بمناسبة انعقاد الاجتماع الأول لمجلسه العلمي. وفي العاشر من كانون الأول/ ديسمبر 2018، أطلق الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، المرحلة الأولى من المعجم، والتي تمتدُّ من أقدم نص عربي موثّق إلى العام 200 للهجرة، عبر بوابة إلكترونية تضمّنت زهاء مئة ألف مدخل معجمي، ومدوّنة لغوية جمعت نصوص العربية ومصادرها مرتّبة ترتيباً تاريخياً، إضافةً إلى عدد من أدوات البحث والخدمات اللغوية والنصية والإحصائية.
ولفت المتحدّث إلى أنّ إطلاق البوابة الإلكترونية شكّل منعطَفاُ مهمّاً في تاريخ العربية؛ إذ أصبح للغة العربية معجم تاريخي لأوّل مرة - حتى لو أنه لم تكتمل مراحله بعد-، وأصبحت عناصر إنجازه الأساسية متوافرة، مشيرا إلى أنّ "التقسيم المرحلي لبناء المعجم التاريخي هو تقسيم إجرائي محض، أملته ضخامة نصوص العربية الممتدّة على مدى عشرين قرناً تقريباً"، مضيفاً أنَّ الهدف منه هو رصد تاريخ الكلمة العربية منذ ظهورها في الاستعمال الموثق نصياً حتى عصرنا الراهن، وتتبُّع تطوُّرها في مبانيها ومعانيها".
يُنتَظر أن يبدأ النشر الورقي للمعجم بعد إتمام مراحل متقدّمة منه
ويجري تحديث المعجم بشكل مستمر، عبر نشر المداخل المعجمية المحرَّرة والمعتمدة من المرحلة الثانية في البوابة الإلكترونية بالتدريج، ويقوم الخبراء باستكمال رصد تطور مباني الكلمة ومعانيها في سياقات ورودها في المدوّنة اللغوية، ويتولّون بناء مداخل معجمية لها تحتوي معلومات تتعلّق بتاريخ استعمالها وبوسمها الصرفي وتعريفها والشاهد اللغوي الواردة فيه وكاتبه ومصدره، ثم يراجع خبير آخر مداخل المادة المعجمية، وبعد ذلك يقوم عضو من أعضاء المجلس العلمي بالنظر فيها مجدَّداً لاعتمادها، لتُصبح جاهزةً للنشر في البوّابة الإلكترونية للمعجم.
وأكد البوشيخي على أهمية المعجم، ليس فقط بفضل ما سيتيحه من المعلومات الموثّقة والخدمات المتنوّعة، بل بفضل ما أنجزه لفائدة الصناعة المعجمية والمصطلحية، وما قدّمه من التدريب والتأهيل للباحثين الذين يتعاونون في إنجازه، في مستويات مختلفة، موضّحاً أنَّ المعجم يوفّر مستخلصةً من نصوص العربية المستعملة، واردة في شواهدها النصية، معروفة التاريخ والقائل والمعنى، معروفة التطوُّر الذي لحقها والحقبة التي عاشتها، موثّقة من مصادرها، وسيكون المعجم بذلك الحافظ للغة العربية، كما يوفّر مدوَّنة جامعة لنصوص العربية، مرتّبةً ترتيباً تاريخياً، قابلةً للبحث بإمكانات متنوّعة، مشيراً إلى أنّ كل ذلك يمكن استثماره بأشكال مختلفة في مجالي التعليم والبحث العلمي وبأوسع نطاق.
ولفت المتحدّث إلى أنّ النشر الورقي للمعجم سيكون بعد إتمام مراحل متقدّمة في الإنجاز، كإتمام عشرة قرون من تاريخ العربية أو أكثر.
وعن دور المعجم كمؤسّسة علمية لحماية اللغة العربية وصونها في ظل الاستخدام المكثَّف للغات العالمية الأُخرى، خاصة مع احتفال العالم باليوم العالمي للغة العربية في 18 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، قال عز الدين البوشيخي إنّ المهمة الرئيسية هي إنجاز "معجم الدوحة التاريخي للغة العربية"، وهذا الإنجاز يُساعد في حفظ ألفاظ اللغة العربية، وجمع أهمّ مصادرها، وتوفير نصوصها في مدوّنة لغوية، وتوفير معاجم فرعية بحسب المستويات التعليمية، ومعاجم مصطلحية بحسب المعارف والعلوم والفنون، ونشر الثقافة المعجمية في المدارس والمعاهد والجامعات ، وكل ذلك جزء لا يتجزّأ من أعمال حماية اللغة العربية وخدمتها وتطويرها.