تقف هذه الزاوية مع مترجمين عرب في مشاغلهم الترجمية وأحوال الترجمة إلى اللغة العربية اليوم. " لا اعتبارات سياسية لاختياري أعمالي. أترجم فقط ما أرغب في ترجمته"، تقول المترجمة الكويتية في لقائها مع "العربي الجديد".
■ كيف بدأت حكايتك مع الترجمة؟
- بدأَت علاقتي بعالم الترجمة بطريقة لا واعية ومن دون قصد؛ إذ كنتُ أدرس برمجة الحاسب في الجامعة، وكانت المحاضرات باللغة الإنكليزية، فكنتُ أترجم كلّ كلمة تُقال في ذهني. أمضيتُ وقتي في ترجمة المنهاج الدراسي لكتب الفيزياء والكيمياء والبرمجة، لأنّ المعلومة ترسخ في ذهني عبر الترجمة. حينها، انتبهتُ إلى ميلي اللغوي، فاتّخذت قراراً بدراسة الأدب الإنكليزي والترجمة. أعتبر ذلك أفضلَ قرار في حياتي؛ لأنّه أتاح لي اكتشاف حبّي للغات، ومكّنني من دراسة اللغة الإيطالية بطريقة فردية في البداية، ثمّ درستها بطريقة أكاديمية في جامعتَي سيينا وبيروجا للأجانب.
■ ما آخر الترجمات التي نشرتها، وماذا تترجمين الآن؟
- آخر ترجمة أُعلنَ عنها هي سيرة أندريا بوتشيلّي بعنوان "موسيقى الصمت"، وترجمتُ ثلاثة أعمال لـ "دار كلمات" عن اللغة الإنكليزية ستكون موجودة خلال "معرض الرياض للكتاب".
■ ما، برأيك، أبرز العقبات في وجه المترجم العربي؟
- يبدو لي أنّ كلّ العقبات يمكن التغلّب عليها بجد واجتهاد المترجم وعلاقاته في الوسط الأدبي. حديثي هنا عن الترجمة الأدبية فقط. لكنّي أتمنّى دائماً وجود دعم مؤسّسي هدفه تدريب جيل كامل يثري المحتوى العربي في كلّ المجالات، وفي كلّ أنواع الترجمة، وبكل اللغات.
تزييف الانتماءات السياسيّة محض عبث يهدم سيرة المُترجم
■ هناك قول بأنّ المترجم العربي لا يعترف بدور المحرِّر، هل ثمة من يحرّر ترجماتك بعد الانتهاء منها؟
- هناك لبس في فهم الفرق بين المحرّر والمراجع والمُدقّق. لا أسمح بتاتاً بالتصرّف في ترجماتي، ولا أمانع وجود مدقّق قد ينتبه إلى ما غاب عن انتباهي، ولا أقبل استبدال الأصوب بحجّة استخدام الشائع من الكلمات مثلاً.
■ كيف هي علاقتك مع الناشر، ولا سيما في مسألة اختيار العناوين المترجمة؟
- كل دور النشر التي تعاملتُ معها أتاحت لي حرية اختيار العنوان، بل واختيار الغلاف في بعض الأحيان.
■ هل هناك اعتبارات سياسية لاختيارك الأعمال التي تترجمينها، وإلى أي درجة تتوقفين عند الطرح السياسي للمادة المترجمة أو لمواقف الكاتب السياسية؟
- لا أتدخّل نهائيّاً في آراء الكاتب، وأنقلها حرفيّاً. تزييف الهُويّات والانتماءات السياسيّة محض عبث يهدم سيرة المترجم. لا اعتبارات سياسية لاختياري أعمالي. أترجم فقط ما أرغب في ترجمته؛ طوعاً لا جبراً.
■ كيف هي علاقتك مع الكاتب الذي تترجمين له؟
- أغلب ترجماتي لكتّاب فارقوا الحياة، أمّا تعاملاتي الأُخرى فكانت عن طريق وسيط (وكيل الناشر).
أتمنّى وجود دعم مؤسّسي لإعداد جيل يُثري المحتوى العربي
■ كثيراً ما يكون المترجم العربي كاتباً، صاحب إنتاج أو صاحب أسلوب في ترجمته، كيف تكون العلاقة بين الكاتب والمترجم في داخلك؟
- ما كلّ ما أكتبه يُنشر. نصف رواية، ونصف كتاب في حالة انتظار، محاولات متفرّقة هنا وهناك. أفضّل التعريف بنفسي باستخدام كلمة مترجمة أدبية. المترجم الأدبي قارئ وكاتب في المقام الأوّل، صحيح، بيْدَ أن لا وقت لدي للكتابة في مجالات أُخرى.
■ كيف تنظرين إلى جوائز الترجمة العربية على قلّتها؟
- رائعة. فيها تقدير لمهنة لم تنل بعدُ المكانة التي تستحقّها في أجندات الدول. إضافة إلى أنّها تشجّع المترجمين على حسن اختيار أعمالهم، وتقديمها بأفضل صورة ممكنة. الترجمة من أجل الترجمة هي شعاري في الحياة، والجائزة التي فزتُ فيها مكّنتني من تجاوُز عقبات كثيرة.
■ الترجمة عربياً في الغالب مشاريع مترجمين أفراد، كيف تنظرين إلى مشاريع الترجمة المؤسساتية وما الذي ينقصها برأيك؟
- ينقصها التواصل مع المترجمين الذين لهم باع في مختلف ميادين الترجمة من خارج المجال الأكاديمي، لوضع رؤى وأهداف موحّدة لا تتعارض مع رؤية الدولة.
■ ما المبادئ أو القواعد التي تسيرين وفقها بوصفك مترجمة، وهل لك عادات معينة في الترجمة؟
- أمقت الرّوتين، ولهذا لا يوجد مكان ثابت أترجم فيه، ولا وقت مفضّل. المرونة وسرعة التّأقلم خصلتان أفدتُ منهما.
■ كتاب أو نص نَدمت على ترجمته ولماذا؟
- كتاب ترجمتُه وما زال حبيس الأدراج لعدم وجود اهتمام بالمجال العلمي.
■ ما الذي تتمنينه للترجمة إلى اللغة العربية وما حلمك كمترجمة؟
- كلُّ كتاب قرأته تمنّيتُ ترجمته. أنتقي قراءاتي من الصغر، وفي كل كتاب قرأتُه إضافة للمحتوى العربي. أحلامي كثيرة والعمر قصير؛ ولهذا أعمل يومياً بإتقان دون هدر أي لحظة فيه، دون تفكير في المستقبل البعيد.
بطاقة
مترجمة كويتية من مواليد 1987. تُترجم من الإيطالية والإنكليزية. صدر لها: "ناسك في باريس" لإيتالو كالفينو (2017)، و"رائحة الكتب" لجيامبيرو موغيني و"الملاك إزميرالدا" لدون ديليلو، و"امتلاك سرّ البهجة" لآليس ووكر، و"ودي آلن عن وودي آلن" لستيج بيوركمان و"امرأة" لسيبيلا أليرامو (2018)، و"84، شارع تشيرنغ كروس" لهيلين هانف (2019)، و"لماذا نقرأ الأدب الكلاسيكي؟" لكالفينو (2021).
وخلال العام الجاري، صدرت لها أربع ترجمات؛ هي: "موسيقى الصمت" لأندريا بوتشيلي، و"كتاب الأسماء المفقوة" لكرِستِن هارمل، و"مكتبة باريس" لجانيت سكيزلين تشارلز، و"البشر" لمات هيغ.