ميكائيل فوسيل: ردْم الهوّة بين اليسار واللذّة

25 فبراير 2022
ميكائيل فوسيل، 2017
+ الخط -

على بعد أسابيع قليلة من انتخاباتها الرئاسية، تشهد فرنسا صدور العديد من الأعمال الفكرية التي قد لا تتناول النقاشات السياسية الراهنة بشكل مباشر، لكن تُضيء خلفية بعضٍ منها، أو تكشف عن مشاكلها، وتاريخها، وربما أخطائها.

وقد شهدت الأيام القليلة الماضية صدور عدّة أعمال في التاريخ والفلسفة حول اليسار السياسي، الذي يُعاني، في فرنسا وخارجها، من تمزُّقاتٍ تَحول دون مواجهته للشعبوية اليمينية الصاعدة، ولليمين المحافظ. من أبرز هذه الأعمال الجديدة كتاب "الحيّ الأحمر: اليسار واللذّة"، والصادر حديثاً لدى "المنشورات الجامعية الفرنسية" في باريس.

ينطلق المؤلّف من ملاحظة الهوّة التي تفصل اليسار وجمهورَه، اليوم، عن الاستمتاع، الذي يُنظر إليه كفعل ينتمي إلى معجم الرأسمالية والليبرالية، ما يجعل منه "خيانةً" في بعض الأحيان: أن تستلذّ في عالَمٍ فاسد، سياسياً وبيئياً، يعني أنك منخرطٌ، بشكلٍ ما، في لُعبته الاستهلاكية وفي تدمير موارده. على أن هدف المؤلّف، في هذا الكتاب، هو إثبات العكس: إمكانية أن يكون المرء يسارياً وأن يستلذّ في الوقت نفسه. 

غلاف

يُظهر فوسيل اختزالية مثل هذه الأحكام حول اللذة عبر التحليل وتقديم العديد من التمييزات المفاهيمية؛ كالتمييز بين تمييز بين سياسات الاعتدال وسياسات التقشف، التي يُعطيها عليها، مثالاً، الفرق بين مَن يغيّر من نظامه الغذائي ليتماشى مع تدهور المصادر في كوكبنا، ضمن سياسة تعديل واعتدال، وبين مَن يتبنّى النباتية الصرفة (عدم أكل أي شيء مأخوذ من حيوانات) وفْق مثالٍ أخلاقيّ.

في تحليلاته، يكشف المؤلّف عن أن اللذة بعيدةٌ كلُّ البُعد عن أن تكون خاصّيةً يمينية، محافِظة؛ كما أنها بعيدة عن أن تكون موافقةً على الراهن بمساوئه، بل إنها، في أحد معانيها (اليسارية) على الأقل، أقرب إلى فِعلْ التمرُّد السياسي على السائد، كما جرى مثلاً في الثورة الطلابية عام 1968، وهي إضافة إلى ذلك مضادّة للاستهلاكية الفردانية، باعتبار أن اللذة تشترط الاجتماع والمشاركة مع الآخرين، بل إنها لا تأخذ تعريفها إلا ضمن هذا الإطار، البعيد عن أي نظرة انغلاقية. 

المساهمون