استمع إلى الملخص
- أصدرت باخص ثلاث قصص للأطفال: "في حقل البطيخ" لتعزيز الخيال الإيجابي، "عبر القلب" لتسليط الضوء على تجربة الأطفال السوريين في الشتات، و"فستان تحمله الرياح" لغرس قيمة العطاء.
- تؤكد باخص على أهمية أدب الأطفال في تقديم الأمل والدفء، وترى الكتابة للأطفال كوسيلة لملامسة قلوبهم وحمايتهم من إدمان الشاشات.
"ربما نضحكُ على أنفسنا حين نزعم أننا نقدّم ما يفيد الطفل العربي ويُمتعه، وكأنّه مكتفٍ بمناحي الحياة الكريمة جميعها ولم يبق سوى أن نقدِّم له القصص"، تقول الكاتبة السورية نادين باخص (1985) لـ "العربي الجديد"، قبل ساعات قليلة من حفل توقيع ثلاث قصص جديدة لها للأطفال في جناح "منصة" للتوزيع، ضمن "معرض الشارقة الدولي للكتاب" 2024، مساء اليوم الجمعة.
تتنهّد الكاتبة السورية المقيمة في الإمارات، وتُتابع: "نحن في بلدان العالم العربي البعيدة عن نار الحرب نعيش فصاماً مُتعمّداً لا يمكننا الفكاك منه وإلا لن نستطيع أن نتابع حياتنا، وهذا الفصام ينسحب على الكاتب العربي باعتبار أنّه جزء من هذا المجتمع، فهو يكتب قصصه بمعزل عما يحدث في الدول المجاورة، وفي أفضل الأحوال وأكثرها تعاطفاً يكتب أعماله مع شعوره بغصة أو بوخزة ضمير".
"في حقل البطيخ" هو عنوان القصة الأولى التي صدرت عن دار "بوابة الكتاب" الإماراتية، وهي من رسوم الفنانة مليحة أحمدي، وفيها، كما تقول الكاتبة السورية لـ "العربي الجديد" من الخيال ما "يجعل الطفل مُنفتحاً على توقّعات إيجابية في الحياة".
تقول لـ"العربي الجديد": "لديّ شغف إيصال ما عشتُه في طفولتي لأطفال هذا العصر"
أما القصة الثانية فهي بعنوان "عَبْرَ القلب"، وقد صدرت عن "شركة المستقبل للتعليم الإلكتروني والمطبوع" المصرية، وقامت الفنانة السورية ناديا داود برسمها، وتحكي قصة كلّ طفل وُلد في بلد المهجر، بعيداً عن حضن الأسرة الكبيرة وتحديداً حضنَي الجدّ والجدّة.
تبدو القصة كأنها دعوة للمّ شمل الأُسرة السورية الممزّقة. إنها قصة لكلّ طفل سوريّ اختبر الشتات والتمزّق. لكن باخص لديها رأي آخر، تقول لـ العربي الجديد: "ولد طفلاي خارج سورية، ولطالما كانا حزينين لأنه ما من عائلة كبيرة تحتضنهما. 'عبر القلب' هي قصتهما وقصة كل طفل يُولد ضمن أسرة مهاجرة. إنّها قصّة تحلم بلحظة الالتحام مع الجدين والأقرباء دون أن تقوى على طرح فكرة لمّ الشمل، لأنها ببساطة ضرب من الخيال".
القصة الثالثة "فستان تحمله الرياح" والتي صدرت عن الدار المصرية نفسها، مع رسوم الفنانة منى حسين، تزرع في قلب الطفل قيمة أن يكون العطاء سبباً في سعادة الآخرين، مثلما يكون سبباً في سعادة الشخص الذي قام بفعله. وهنا سألت "العربي الجديد" الكاتبة: هل ثمّة قيم وأخلاق في عالم اليوم؟ وما القيم التي تُحاولين إيصالها للأطفال؟ لتُجيب: "من أكثر الموضوعات التي تبنّيت الكتابة عنها في قصصي تلك المتعلّقة بذاكرتنا الجمعية الماضية. لدي شغف في إيصال ما عشته في طفولتي لأطفال هذا العصر من دفء العائلة الصغيرة والكبيرة، وتفاصيل الثمانينيات والتسعينيات التي لم نعرف فيها شاشات تُدمّر مشاعرنا وعقولنا وعلاقاتنا. أحلم بأن يدرك أطفالنا أنّ لمّة عائلية حول مائدة عشاء بسيطة تعادل كلّ فيديوهات 'الريلز' و'الشورتز' تسليةً وسعادة".
كما سألت "العربي الجديد" الكاتبة إن كان هذا كافٍ في زمن الإبادات المتنوّعة التي يشهدها عالمنا العربي؟ وهل هو ما يحتاجه حقاً الطفل العربي؟ فأجابت: "أعتقد أنه أكثر الأسئلة إيلاماً. باعتباري إنسانةً لم تُجِدْ في حياتها شيئاً أكثر من الكتابة، يصعب أن أفقد الأمل كلّياً بجدوى الكتابة، وإن كانت في ظلّ هذا الدمار والإبادات تبدو مجرّد ترف لا يمتُّ للواقع القاتم بأية صلة. ولكن لنتخيلْ، ماذا لو وصلت إحدى هذه القصص إلى طفل قابع تحت نار الحرب؟ ماذا لو نجحت ألوان مشهد ما في الطبطبة على ألمه؟ الطفل العربي في البلدان الآمنة والمستقرّة يحتاج أن ندفعه كي يعتني بروحه وجسده ولغته العربية من خلال تجنيبه الوصول إلى مرحلة إدمان الشاشات. أمّا في البلدان المبتلاة بنار الحرب، فيحتاج إلى سقف لا يسقط فوق رأسه".
بهذا تبدو نادين باخص أنها مدينةٌ للطفولة وتوازنها في عالم لا متوازن، ومدينةٌ لها بشعور أنَّ الحياة مُحاطة بألوان لا حصر لها، فلولا أدب الأطفال كانت الحياة مجرّد رماد وحطام. ربّما لهذا قرّرت الهرب إليه منذ عام 2013، كي تشعر أنّها تعيش في عالم مضيء، عالم موازٍ لهذا العالم المقيت والمليء بالسواد.