تحظى شجرة الزيتون بمكانة أساسية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية لدى التونسيّين؛ فهي تُشكّل القطاعَ الزراعي الأوّل في تونس التي تتوفّر على سبعين مليون شجرة زيتون تتوزّع على ثلاثين في المائة من أراضيها الزراعية (قرابة 1.68 مليون هكتار)، وهو ما يجعل من زيت الزيتون المادّة الأُولى من صادراتها الفلاحية.
وتُشير أبحاثٌ تاريخية إلى أنّ شجرة الزيتون دخلت تونس في العهد القرطاجي (قبل الميلاد)، وليس في العصر الروماني كما كان يُعتَقد؛ حيث أدخلها الكنعانيون، قبل أن تنتشر على نطاق واسع على أيدي الفينيقيّين والقرطاجيّين.
في معرضٍ فوتوغرافي افتتح أمس السبت في "المركب الثقافي" بمدينة المنستير، ويستمرّ حتى الثالث من حزيران/ يونيو المُقبل"، يُضيء المُصوّر نجيب الشُكّ على جانب آخر من الجوانب الكثيرة المتعلّقة بشجرة الزيتون، هو ذلك المتعلّق بالأشجار المعمرة؛ فكرةٌ بدأت قبل بضع سنوات، حين رأى، في جزيرة جربة، أشجار زيتون بدت له غريبة الشكل، فقدَّر أنّ ثمّة مثلها في مناطق أُخرى من البلاد.
هكذا، بدأ المصوّر التونسي، الذي يشتغل في أعماله على التراث الطبيعي، مركّزاً على جماليات الصحراء، رحلةً امتدّت في أرجاء تونس، التقط فيها مجموعةً كبيرة من الصُّوَر التي وثّقت لأشجار معمّرة في مناطق مختلفة، اختار منها خمسين صورةً فوتوغرافية لمعرضه الحالي.
تروي الصُّوَر تاريخاً ممتدّاً لأكثر من ثلاثة آلاف سنة، مُضيئةً آثار الزمن على الأشجار التي اتّخذ بعضُها أشكالاً شبيهة بالأجساد البشرية أو الحيوانية؛ حيث نرى في بعضٍ منها ما يُبدو كأنّه أرجُل إنسان، أو جسد امرأة، أو وجه طفل، أو جسم حيوان. ومن بين تلك الأشجار زيتونةٌ في مدينة الهوارية بولاية نابُل يُعتقَد أنّ عمرها يبلغ 2500 سنة.
إضافة إلى إبراز جماليات أشجار الزيتون المُعمّرة، يقول نجيب الشُكّ، على هامش افتتاح معرضه، إنّه يهدف إلى التوعية بضرورة الحفاظ على هذه الأشجار التي تمثّل "تراثاً ثقافياً وثروة اقتصادية في آن"، لافتاً إلى أنّ أعداد الزيتونات المعمّرة تتقلّص يوماً بعد يوم، ليس فقط بسبب التوسّع العمراني، بل برعاية رسمية أيضاً، مُشيراً، هنا، إلى تصريحات لوزير الفلاحة دعا فيها الفلّاحين إلى قلْع الأشجار الهرمة وتعويضها بأُخرى قادمة من إسبانيا.