في التلفاز الخشبي
بالضبط سنة 1985،
شاهدت حرباً في التلفاز الخشبي،
سمعت في الليل،
قنابل وبكاءً شديداً،
شاهدتُ خيال مصرفيّين يطلّون من النافذة،
ويهربون،
امرأة تقول: هذه بداية أجمل،
صريرُ بابٍ،
ماءٌ يقطر من صنبور.
في التلفاز الخشبي،
شاهدت رجُلاً حزيناً يُصلّي.
من النافذة كان جنودٌ يعودون،
وفي أصابعهم تنمو وردة،
مطرٌ يهطل برقّة عاشق.
بالضبط سنة 1985،
كانت أصابعي تغنّي.
■ ■ ■
تحوُّل
أنتظر بصبر،
أن يتحوّل النهار لشجرة،
أن تتحوّل هذه المرأة،
إلى نهر صغير،
أن تتحوّل الأرض،
إلى حلم طويل بلا باب.
ألوّح بيدي داخل حوض،
لأسماك وحيدة، وغريبة،
أنتظر أن تتحوّل يداي قارباً،
أو بَحّاراً يقفز بلا هدف،
في مياه عميقة.
أنتظر بصبر،
أن يتحوّل هواء الصباح،
إلى مزهرية قديمة.
■ ■ ■
طائرٌ غريب
ريشه أصفر، ربّما له لون الندم.
يقوم بحركات غريبة حينما يندفع من النافذة،
نحو سماء لا نراها.
كلّما مَرّ على شجرة صار لها اسمٌ ومعنى،
أسمع تحليقه في صوت المطر.
هكذا أصفه من دون أن تكون له صفة،
وأحلم به طويلاً كي يُحلّق من جديد.
■ ■ ■
المتصوّف الشجرة
يتساءل المتصوّف الجالس على عتبة بابنا:
هل الأرض غبارٌ في هذا الرمل،
من أَحبَّ لا يلمس زهرة الجوري،
لماذا الحزن هو طائر حائر في الشرفة،
كيف أرى الله بين نهدَي جارتنا،
كيف الأيائل ترعى وحيدة؟
الشمس تدور تدور،
كلعبة في يد طفل.
الكلام علبة نفتحها بخفّة فنندهش.
المتصوّف يريد أن يصير شجرة.
العصفور وحده من يحلّق،
ولا يفكّر.
*شاعر ومترجم من المغرب