- كتاب "نظرية المقاطعة والنضال من أجل فلسطين" للأكاديمي الأسترالي نيك ريمر يسلط الضوء على العقبات التي تواجه حركة المقاطعة ويقدم حججاً جديدة لدعمها، مؤكداً على أهمية تطوير استراتيجيات فعّالة للمقاطعة.
- الكتاب يبرز أهمية المقاطعة الأكاديمية في ظل العدوان الإسرائيلي، مشيراً إلى انضمام عدد متزايد من المؤسسات الغربية للحملة، ويدعو إلى تكثيف الجهود لمعاقبة إسرائيل على جرائمها ضد الإنسانية.
تعدُّ المقاطعة الأكاديمية لـ"إسرائيل"، وهي فرع من حركة "مقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات BDS "، واحدة من أصعب الممارسات العملية في الغرب، خصوصاً في المؤسّسات الثقافية والجامعات. وعلى الرغم من وجود أكاديميّين وأساتذة ومثقفين يدعون إلى مقاطعة نظام القتل والاستيطان والفصل العنصري، إلّا أن الأمر ليس بالسهولة التي نتصوّرها، وذلك بسبب آليات طوّرتها اللوبيات الصهيونية الموجودة في الغرب المتواطئ، والتي استطاعت أن تتغلغل وتصل حتّى إلى الجامعات.
يفسّر الأكاديمي الأسترالي نيك ريمر هذه الصعوبة في التطبيق في جملة قد تكون فاتحة جيّدة للإطلالة على كتابه "نظرية المقاطعة والنضال من أجل فلسطين"، الصادر عن منشورات "Rowman & Littlefield"، حيث يقول: "كلُّ شيء في سياسة وثقافة التعليم العالي في الغرب يعمل ضدَّ الأكاديميين الذين يقاطعون إسرائيل".
للوهلة الأولى قد يبدو عنوان الكتاب غريباً، وقد يسأل القارئ هل تحتاج المقاطعة حقاً إلى نظرية؟ نعم، فعندما نقرأ في الكتاب عن العوائق التي تضعها الأنظمة الغربية المتواطئة مع "إسرائيل" أمام المقاطعة، وحرمان الأكاديميين من الوظائف أو التثبيت بسبب مناصرتهم لفلسطين، وبسبب طلبهم من المؤسّسات الأميركية والأوروبية وقف التمويل للمؤسّسات الثقافية والجامعات والأكاديميات البحثية الإسرائيلية، سنجد أنّه لا بد من تطوير آليات وأساليب من أجل بالمقاطعة، خصوصاً في ظلّ صعود اليمين المتطرف الذي تربطه علاقات قوية مع اللوبيات الصهيونية المسيطرة عموماً على مصادر التمويل والبنوك.
يحاولون إسكات وطرد الأكاديميّين والجامعيّين الداعمين لفلسطين
صحيحٌ أنَّ الكتاب، كما يوضّح مؤلِّفه، يهدف إلى شرح دواعي حملة المقاطعة ضدّ "إسرائيل"، خاصّة في الجامعات، إضافة إلى الدفاع عن الأكاديميين الذين اختاروا مسار مقاطعة نظام الفصل العنصري، إلا أنّه لا يتوقّف عند كونه مجرد دراسة محدّدة للتعريف بحركة المقاطعة، بل يتناول الأسئلة الأكثر جوهرية التي تُثيرها الدعوة إلى قطع العلاقات مع الجامعات الإسرائيلية في الغرب. كما يقدّم حججاً جديدة للقيام بذلك، حيث يعرض بشكل تفصيلي كيفية ارتباط حركة "البي دي إس" بمجموعة من الخلافات النابضة في قلب "السياسات التقدمية" بالغرب، خصوصاً تلك المتعلقة بعمليات الإسكات، وحرية التعبير، والحملات الشعبية والثقافية، والعواقب الواقعية للعمل الفكري ضد جرائم "إسرائيل"، من بين العديد من الأشياء الأخرى.
يتبنّى المؤلّف بشكل علني في كتابه أطروحة المقاطعة التي كما يقول "تدحض مزاعم إسرائيل"، التي تستخدم صوراً متنوعة من "القوة الناعمة" لصيانة تأثيرها في الأوساط الغربية والولايات المتحدة والحفاظ على سرديتها. وبطبيعة الحال فإن الجامعات من أهم الأوساط التي تبذل جهوداً كبيرة فيها.
ورغم كل هذه العواقب، يوضح ريمر أنّ المقاطعة الأكاديمية صارت راسخة في الغرب، وأن العديد من المؤسسات والجامعات انضمت إلى الحملة.
يكتسب كتاب الأكاديمي الأسترالي أهمية بالغة في ظل حرب الإبادة الجماعية التي يشنّها الاحتلال منذ ستة أشهر، فرغم تأليفه في عام 2023، قبل بدء العدوان، إلا أنه يوضّح مدى أهمية وضرورة دعم حملة مقاطعة "إسرائيل" الآن لوقف جرائم الإبادة والتهجير ومعاقبة مرتكبيها.